وهي تعبّر عن كمال رأفة الرسول الاكرم y وغاية رحمته على أمته.
نعم، لقد وردت روايات صحيحة تبين مدى رأفته الكاملة وشفقته التامة على أمته، بأنه y يدعو يوم الحشر الأعظم ب: (أمّتي أمّتي)(1) في الوقت الذي يدعو كلُ أحد، بل حتى الأنبياء عليهم السلام ب: (نفسي نفسي) من هول ذلك اليوم ورهبته. فكما تبين هذه الروايات عظيم شفقته على أمته فقد سمعتْ والدتهُ منه عند ولادته انه يناجي: (أمتي أمتي) كما هو مصدَّق لدى اهل الكشف من الاولياء الصالحين. وكذا ان سيرته العطرة كلها، وما نشره في الآفاق من مكارم الاخلاق المكللة بالشفقة والرحمة، تبين كمال رأفته وشفقته، كما انه أظهر عظيم شفقته على أمته باظهار حاجته التي لاتحد الى صلوات أمته عليه تلك الصلوات التي تبين مدى علاقته الرؤوفة بجميع سعادات امته.
ففي ضوء هذه الرأفة الشاملة وهذه الرحمة الواسعة لهذا المرشد الرؤوف الرحيم y؛ كم يكون الإعراضُ عن سنته السنية كفراناً عظيماً بل موتاً للوجدان! قس ذلك بنفسك وقدّر.
النكتة الثانية:
ان الرسول الاكرم y قد أبدى رأفة عظيمة تجاه أمور ومواد جزئية خاصة، ضمن مهمته النبوية العامة الشاملة. فيبدو ان صرف تلك الشفقة العظيمة والرأفة الواسعة الى تلك الامور الجزئية والمواد الخاصة لا يناسب – في ظاهر الأمر – عظَم وظيفة النبوة ولا يلائمها. ولكن الواقع والحقيقة ان تلك المادة الجزئية والأمر الخاص يمثل طرف سلسلة تتولى في المستقبل مهمة نبوية كلية؛ لذا اُعطي لممثلها تلك الاهمية البالغة.
------------------
(1) جزء من حديث الشفاعة الطويل، ذكر الاستاذ المؤلف جزء منه بمعناه،والحديث بطوله أخرجه البخاري برقم 3340و 3361و 4712 ومسلم برقم 194 والترمذي برقم 2551 (تحفة) وقال: هذا حديث حسن صحيح، كلهم من حديث ابي هريرة رضي الله عنه باختلاف في السياق.