اللمعات | اللمعة الرابعة | 30
(26-39)

هذه الحقيقة هو ما جاء في روايات أخرى انه y قال: (يا ايها الناس اني قد تركت فيكم ما ان اخذتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي)(1). ذلك لان آل البيت هم منبع السنة الشريفة والمحافظون عليها والمكلفون أولاً بالالتزام بها.
وهكذا وضحت حقيقة هذا الحديث بناء على ما ذكر آنفاً، أي: بالاتباع التام للكتاب والسنة الشريفة. أي: ان المراد من آل البيت من حيث وظيفة الرسالة هو إتباع السنة النبوية، فالذي يدع السنة الشريفة لا يكون من آل البيت حقيقة كما لا يمكن ان يكون موالياً حقيقياً لآل البيت.
ثم ان الحكمة في ارادته y في جمع الأمة حول آل البيت هي: ان الرسول الكريم y قد علم باذن إلهي ان آل البيت سيكثر نسلهم بمرور الزمن بينما الإسلام سيؤول الى الضعف. فيلزم والحالة هذه وجود جماعة مترابطة متساندة في منتهى القوة والكثرة لتكون مركزاً ومحوراً لرقي العالم الإسلامي المعنوي. وقد علم y بهذا بإذن إلهي فرغّب في جمع أمته حول آل بيته.
نعم ان افراد آل البيت وان لم يكونوا سابقين ومتقدمين على غيرهم في الايمان والاعتقاد الاّ انهم يسبقونهم كثيراً في التسليم والالتزام والولاء للإسلام، لانهم يوالون الإسلام فطرة وطبعاً ونسلاً، فالموالاة الطبعية لاتُترك ولو كانت في ضعف وعدم شهرة أو حتى على باطل، فكيف بموالاة لحقيقة ارتبطت بها سلسلة أجداده الذين ضحوا بأرواحهم رخيصة في سبيلها فنالوا الشرف بها، فتلك الحقيقة هي في منتهى القوة وذروة الشرف وعلى الحق المبين، أفيستطيع من يشعر بداهة بمدى اصالة هذه الموالاة الفطرية ان يتركها؟
فأهل البيت بهذه الالتزام الشديد للإسلام وهو التزام فطري يرون الأمارة البسيطة بجانب الإسلام برهاناً قوياً لانهم يوالون الإسلام فطرة بينما غيرهم لا يلتزم الاّ بعد اقتناعه بالبرهان القوي.
------------------

1) حديث صحيح: اخرجه الترمذي برقم 3786 والطبراني في الكبير 2680، وللحديث شواهد كثيرة انظر الاحاديث الصحيحة رقم 1761.

لايوجد صوت