الشافي. ومع هذا سأشير اشارة فحسب، في غاية الاجمال الى بضع نقاط يتعلق بها سؤالكما:
ان فحوى سؤالكما هذا هو ان الملحدين يعترضون على كون وقت نزول الغيث ونوعية الجنين في الرحم من المغيبات الخمسة فينتقدون قائلين: ان وقت نزوله يُكشف عنه في المراصد الجوية، فاذن يعلمه كذلك غيرُ الله، وان جنس الجنين في رحم الام يمكن معرفته، ذكراً كان أم انثى باشعة رونتكن. بمعنى انه يمكن الاطلاع على المغيبات الخمسة!
الجواب: لما كان وقت نزول الغيث غير مرتبط بقاعدة مطردة، فانه يرتبط مباشرة بالمشيئة الإلهية الخاصة، ويتبع الارادة الإلهية الخاصة، فينزل من خزينة رحمته تعالى دون وساطة. وإن سرّ حكمته هو الآتي:
ان اهم حقيقة في الكون واثمن ماهية فيه هي الوجود، الحياة، النور، الرحمة وان هذه الاربعة متوجهة مباشرة ودون وسائط وحجب الى القدرة الإلهية ومشيئتها الخاصة، بينما تحجب الاسباب الظاهرة في المصنوعات الإلهية الاخرى تصرّف القدرة الإلهية، وتستر القوانين المطردة والقواعد الثابتة – الى حدٍ ما – الارادة الإلهية ومشيئتها، الاّ ان تلك الحجب والاستار لم توضح امام الحياة والنور والرحمة؛ لعدم جريان حكمة وجودها في تلك الامور.
وحيث ان الرحمة والحياة اهم حقيقتين في الوجود، وان الغيث منشأ الحياة ومدار الرحمة بل هو عين الرحمة، فلابد الاّ تكون الوسائط حجباً أمامها، ولابد الاّ تستر القاعدة المطردة المشيئة الإلهية الخاصة بها، وذلك ليضطر كل فرد في كل وقت، وفي كل امر الى الشكر واظهار العبودية والى السؤال والتضرع والدعاء؛ اذ لو كانت تلك الامور على وفق قاعدة معينة لانسدّ باب الشكر والرجاء منه تعالى استناداً الى القاعدة المطردة. فطلوع الشمس مع ما فيه من منافع معلومة، لانه مرتبط بقاعدة معينة، فلا يُسأل الله سبحانه عن