اللمعات | اللمعة السادسة والعشرون | 419
(384-464)

خارج عن حدود الامكان، بل خارج عن حدود العقل والاحتمال! فالذي لم يفقد بصيرته يرى ذلك بجلاء! نعم، وتوضيحاً لهذه الحقيقة
فقد جاء في القرآن الكريم ﴿انّ الذين تَدعونَ من دون الله لن يَخلقوا ذُباباً ولو اجتمعوا له..﴾(الحج:73). أي اذا اجتمعت الاسباب المادية كافة لا يمكنها أن تجمع وتنسق جسم ذبابة واحدة وأجهزتها وفق موازين دقيقة خاصة حتى لو أوتيت تلك الاسبابا ارادةًَ واختياراً، بل حتى لو تمكنت من تكوين جسم ذباب وجمعه فانها لاتستطيع ابقاءه وادامته على مقداره المعين له، بل حتى لو تمكنت من ابقائه بالمقدار المعين فلن تستطيع ن تحرك بانتظام تلك الذرات التي تتجدد دوماً وترد الى ذلك الوجود لتسعى فيه؛ لذا فمن البداهة أن الاسباب لن تكون مالكة لهذه الاشياء ولن تكون صاحبتها مطلقاً. انما صاحبها الحقيقي هو غير الاسباب.. نعم، ان لها مالكاً وصاحباً حقيقياً بحيث أن إحياء ما على الارض من كائنات سهل عليه ويسير، كإحياء ذبابة واحدة. وايجاد الربيع عنده سهل وهين كسهولة أيجاد زهرة واحدة.. كما تبينه الآية الكريمة: ﴿ما خلقُكُم ولا بَعثُكم الاّ كنَفسٍ واحدة﴾(لقمان:28) ذلك لأنه غير محتاج الى الجمع، حيث أنه مالك لأمر: (كن فيكون).. ولانه يخلق من العدم في كل ربيع أحوال موجودات الربيع وصفاتها واشكالها، مما سوى عناصرها.. ولان خطة كل شيء ونموذجه وفهرسه ومخططه متعين في علمه سبحانه.. ولان جميع الذرات لاتتحرك الاّ ضمن دائرة علمه وقدرته؛ لذا فانه يخلق كل شيء ويوجده ايتجاداً بلمح البصر وفي منتهى اليسر، ولن يحيد شيء عما أنيط به في حركته ولو بمقدار ذرة. فتعدو الكواكب السيارة جيشاً منظماً طائعاً له، وتصبح الذرات جنوداً مطيعين لأمره، وحيث ان الجميع يسيرون على وفق تلك القدرة الازلية ويتحركون وفق دساتير ذلك العلم الازلي لذا فأن هذه الآثار تأتي الى الوجود حسب تلك القدرة، فلا تصغُر تلك الآثار بنظر الاستصغار، ولا تكون مهملة بعدم الاهتمام بها؛ اذ الذبابة المنتسبة الى تلك القدرة تهلك نمروداً، والنملة تدمر قصر فرعون، وبذرة الصنوبر المتناهية في

لايوجد صوت