الصغر تحمل على اكتافها ثقل شجرة الصنوبر الضخمة كالجبل. فكما اننا اثبتنا هذه التحقيقة في رسائل كثيرة فاننا نقول هنا كذلك: ان الجندي المنتسب الى السلطان بالجندية يمكنه أن يقوم بأعمال تفوق طاقته ألف مرة، كأن يأسر مثلاً قائداً عظيماً للعدو بانتسابه، كذلك فان كل شيء بانتسابه الى تلك القدرة الازلية يكون مصدراً لمعجزات الصنعة والاتقان بما تفوق تلك الاسباب الطبيعية بمائة ألف مرة.
الخلاصة:
ان الصنعة المتقنة البديعة لكل شيء، والسهولة المطلقة في ايجاده، تظهران معاً من آثار القدير الازلي ذي العلم المحيط، والاّ فهو محال في مائة محال، بأن ذلك الشيء وروده الى الوجود، بل يكون – عندئذٍ – خارجاً عن دائرة الامكان وداخلاً في دائرة الامتناع، بل خارجاً من صورة الممكن الى صورة الممتنع وماهية الممتنع، بل لا يمكن ان يرد – عندئذ – شيء مهما كان الى الوجود مطلقاً.
وهكذا فان هذا البرهان وهو في منتهى القوة والدقة، ومنتهى العمق والوضوح قد أسكت نفسي التي اصبحت تلميذة مؤقتة للشيطان، ووكيله لاهل الضلالة والفلسفة، حتى آمنت – ولله الحمد – إيماناً راسخاً، وقالت:
نعم انه ينبغي أن يكون لي ربٌ خالق يعلم ويسمع أدق خواطر قلبي وأخفى رجائي ودعائي. ويكون ذا قدرة مطلقة فيسعف أخفى حاجات روحي ويستبدل كذلك بهذه الدنيا الضخمة دنيا اخرى غيرها ليسعدني سعادة ابدية فيقيم الآخرة بعدما يرفع هذه الدنيا، وكما أنه يخلق الذباب فانه يوجد السموات أيجاداً ايضاً. وكما أنه رصع وجه السماء بعين الشمس جعل من الذرة ترصيعاً في بؤبؤ عيني. والاّ فان