هناك في مركز الشرطة حوالي ثلاثة اشهر. ولا يخفى عليكم مدى الأذى الذي يلحق بمثلي في مثل هذه الاماكن، وقد انعزل عن الناس، ولا يتحمل البقاء حتى مع اصدقائه الاوفياء، ولا يطيق أن يبدل زيه الذي اعتاد عليه(1).
فبينما كان اليأس يحيط بي من كل جانب، اذا بالعناية الإلهية تغيث شيخوختي، اذ اصبح افراد الشرطة المسؤولين في ذلك المخفر بمثابة اصدقاء أوفياء، حتى كانوا يخرجونني متى شئت للاستجمام والتجوال في سياحة حول المدينة وقاموا بخدمتي كأي خادم خاص، فضلاً عن أنهم لم يصروا عليّ بلبس القبعة مطلقاً.
ثم دخلت المدرسة النورية التي كانت مقابل ذلك المخفر في قسطموني وبدأت بتأليف الرسائل، وبَدأ كل من (فيضي وامين وحلمي وصادق ونظيف وصلاح الدين) وامثالهم من ابطال النور يداومون في تلك المدرسة لاجل نشر الرسائل وتكثيرها، وأبدوا في مذكراتهم العلمية القيمة التي أمضوها هناك جدارة تفوق ما كنت قضيتها ايام شبابي مع طلابي السابقين.
ثم بدأ اعداؤنا المتسترون يحرَضون علينا بعضاً من المسؤولين وبعضاً ممن يعتدون بأنفسهم والمغرورين من العلماء والمشايخ الصوفية، فأصبحوا الوسيلة في جمعنا في تلك المدرسة اليوسفية (سجن دنيزلي) مع طلاب النور القادمين من عدة ولايات.
هذا وان تفاصيل هذا الرجاء السادس عشر هي في تلك الرسائل التي ارسلتها سراً من (قسطموني) والتي ضمت في كتاب (ملحق قسطموني) وفي الرسائل المقتضبة السرية التي كنت قد ارسلتها الى
-----------------
(1) حيث اكره الناس على لبس القبعة والزي الاوروبي بعد صدور (قانون القيافة). – المترجم.