اللمعات | اللمعة التاسعة والعشرون | 572
(516-573)

شَيءٍ هالِكٌ اِلاّ وَجهَهُ لَهُ الحُكْمُ وَاِلَيهِ تُرجَعُونَ﴾(القصص:88) تُهَدِّدُني وَتقطَعُ عَلاقَاتي الكَثيرَةَ مِنَ الاَشيَاءِ. وَبِانقِطاعِ كَلِّ عَلاقَةٍ يَتَولدُ جَزْحٌ وَألمٌ مَعنَويٌ في رُوحي. وَلا حَولَ عَنْ تِلكَ الجُرُوحاتِ الغَيرِ المَحدُودةِ؛ وَلا قوَّةَ عَلى أدويَتِها إلاّ بِكَ يا مَنْ يكفي لِكلِّ شَيءٍ، وَلا يَكفي عَنْ شَيءٍ واحدٍ مِنْ تَوَجهِ رَحمَتِهِ كلُّ الاَشيَاءِ، وَيا مَنْ اذا كَانَ لشيءٍ كَانَ لَهُ كلُّ شَيءٍ ومَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ لا يَكُونُ لَهُ شَيءٌ مِنَ الأشيَاءِ.
إلَهي! لِي عَلاقاتٌ شَديدَةٌ وَابِتلاءٌ وَمَفتُونِيةٌ مَعَ شَخصيتي الجِسمانيةِ، حَتى كَأنَّ جسمي عَمُودٌ في نَظَري الظاهِريِّ لِسَقفِ جَميعِ آمالي وَمَطَالبِي؛ وَفِيَّ عِشقٌ شَديدٌ لِلبَقاءِ؛ مَعَ أنَّ جِسمي لَيسَ مِنْ حَديدٍ وَلا حَجَرِ لِيَدُومَ في الجُملَةِ، بل مِنْ لَحمٍ وَدَمٍ وَعَظمٍ عَلى جَناحِ التفَرُّقِ في كلِّ آنٍ؛ وَمعَ أنَّ حياتي كَجِسمي محدودةُ الطرَفَينِ، سَتُختَمُ بِخَاتَمِ المَوتِ عَنْ قَريبٍ؛ مَعَ أني قَد اشتَعَلَ الرَّأسُ شَيباً مِني، وَقد ضَرَبَ السقَمُ ظَهري وَصَدري، فَأنا في قَلقٍ وَضَجَر وَاضطِرابٍ وَتألم وَتحَزُّنٍ شَديدٍ مِنْ هذِهِ الكَيفيةِ. فَلا حَولَ عَنْ هذِهِ الحَالَةِ الهَائِلَةِ؛ وَلا قوَّةَ عَلى ما يُسَليني عَما يَحزُنُني، وَعَلى ما يُعَوِّضُني ما يَضيعُ مِني، وَعَلى ما يَقُومُ مَقام ما يَفُوتُ مِني إلاّ بِكَ يارَبي الباَقي، وَالباقي ببَقَائِهِ وَإبقائِهِ مَنْ تَمَسكَ بِاسمٍ مِنْ أسمائِهِ الباقِيَةِ.
إلهي! لِي وَلِكلِّ ذي حَياةٍ خَوفٌ شَديدٌ مِنَ المَوتِ وَالزَّوالِ اللذَينِ لا مَفرَّ مِنهًما؛ وَلِي مَحبةٌ شَديدةٌ للِحَياةِ وَالعُمْرِ اللذينِ لا دَوامَ لَهُما؛ مَعَ أنَّ تَسارُعَ المَوتِ إلى أجسامنا بِهُجُومِ الآجالِ لا يُبقي لِي وَلا لأحَدٍ أمَلاً مِنَ الآمال الدُّنيَويةِ إلاّ وَيَقطَعُها، وَلا لذَّةً إلاّ وَيَهْدِمُها. فَلا حَولَ عَنْ تلِكَ البَلِيةِ الهائِلَةِ وَلا قوَّةَ عَلى مل يُسَلينَا عَنها إلاّ بِكَ يا خَالِقَ المَوتِ وَالحَياةِ! وَيا مَنْ لَهُ الحَياةُ الَسرمَدِيةُ، الذي مَنْ تَمسكَ بِهِ وَتوجهَ إلَيهِ وَيعرِفُهُ وَيُحِبهُ؛ يَدُومُ حَياتُهُ وَيكُونُ المَوتُ لَهُ تَجَدُّدَ وَتبديلَ مكانٍ. فَإذاً فَلا حُزنَ لَهُ وَلا ألَمَ عَليهِ بِسِرِّ ﴿ألا إنَّ أولِيَاءَ اللهِ لا خَوفٌ عَلَيهِمْ وَلا هُمْ يَحزَنُونَ﴾ (يونس:62).
إلهي! لِي لأجلِ نَوعيِ وَجِنسِي عَلاقاتٌ بِتَألماتٍ وَتمَنياتٍ بِالسموَاتِ وَالأرضِ وَباَحوَالِها. فَلا قُوَّةَ لي بِِوجهٍ مِنَ الوُجُوهِ عَلى إسماعِ أمري

لايوجد صوت