اللمعات | اللمعة الثلاثون | 583
(574-671)

الدقيقة المنصوبة بين الموجودات، ويفسد التوزان الكامل بين اجزاء الكائنات خلال سنة واحدة، بل خلال يوم واحد. ولكنت ترى العالم وقد حلّ فيه الهرجُ والمرج وتعرّض للاضطرابات والفساد..
فالبحار تمتلئ بالانقاض والجثث، وتتعفن.
والهواء يتسمم بالغازات المضرة الخانقة، ويفسد.
والارض تصبح مزبلة ومسلخة، وتغدو مستنقعاً آسناً لا تطاق فيه الحياة.
فان شئت فأنعم النظر، في الموجودات كلها، ابتداء من حجيرات الجسم الى الكريات الحمراء والبيضاء في الدم، ومن تحولات الذرات الى التناسب والانسجام بين اجهزة الجسم، ومن واردات البحار ومصاريفها الى موارد المياه الجوفية وصرفياتها، ومن تولدات الحيوانات والنباتات ووفياتها الى تخريبات الخريف وتعميرات الربيع، ومن وظائف العناصر وحركات النجوم الى تبدل الموت والحياة، ومن تصادم النور والظلام الى تعارض الحرارة والبرودة.. وما شابهها من أمور، كي ترى ان الكل: يوزَن ويُقدَّر بميزان خارق الحساسية، وان الجميع يُكتال بمكيال غاية في الدقة، بحيث يعجز عقلُ الانسان ان يرى اسرافاً حقيقياً في مكان وعبثاً في جزء.. بل يلمس علمُ الانسان ويشاهد اكملَ نظامٍ واتقنَه في كل شئ فيحاول أن يُريَه، ويرى اروَع توازنٍ وابدعه في كل موجود فيسعى لإبرازه.
فما العلوم التي توصَّل اليها الانسان الاّ ترجمة لذلك النظام البديع وتعبير عن ذلك التوازن الرائع.
فتأمل في الموازنة الرائعة بين الشمس والكواكب السيارة الاثنتى عشرة التي كل منها مختلفة عن الاخرى، الا تدل هذه الموازنة دلالة واضحة وضوح الشمس نفسها على الله سبحانه الذي هو (العدل القدير)؟

لايوجد صوت