اللمعات | اللمعة الثلاثون | 592
(574-671)

ان الصانع القدير باسمه (الحَكَم والحكيم) قد أدرج في هذا العالم ألوف العوالم المنتظمة البديعة، وبوأ الانسانَ - الذي هو اكثر من يمثل الحِكَم المقصودة في الكون وأفضل مَن يظهرها - موقعَ الصدارة، وجعله بمثابة مركز تلك العوالم ومحورها؛ اذ يتطلع ما فيها من حِكَم ومصالح الى الانسان. وجعل الرزق بمثابة المركز في دائرة حياة الانسان؛ فتجد ان معظم الحِكَم والغايات وأغلب المصالح والفوائد – ضمن عالم الانسان – تتوجه الى ذلك الرزق وتتضح به؛ لذا فان تجليات اسم (الحكيم) تبدو واضحة بأبهر صورها واسطعها من خلال مشاعر الانسان، ومن تضاعيف مذاقات الرزق، حتى غدا كل علم - من مئات العلوم التي توصّل الانسان الى كشفها بما يملك من شعور - يعرِّف تجلياً واحداً من تجليات اسم (الحَكَم) في نوع من الأنواع.
فمثلا:
لو سُئل علم الطب: ما هذه الكائنات؟
لأجاب: انها صيدلية كبرى اُحضرت فيها باتقان جميع الادوية وأدّخرَت.
واذا ما سُئل علم الكيمياء: ما هذه الكرة الارضية؟
لأجاب: انها مختبر كيمياء منتظم بديع كامل.
على حين يجيب علم المكائن: انها معمل منسَّق كامل لا ترى فيه نقصاً.
كما يجيب علم الزراعة: انها حديقة غنَّاء ومزرعة معطاء، تستنبت فيها انواع المحاصيل، كلٌ في أوانه.
ولأجاب علم التجارة: انها معرض تجاري فخم، وسوق في غاية الروعة والنظام، ومحل تجاري يحوي أنفس البضائع المصنوعة وأجودها.
ولأجاب علم الاعاشة: انها مستودع ضخم يضم الأرزاق كلها بأنواعها وأصنافها.

لايوجد صوت