اللمعات | اللمعة الثلاثون | 595
(574-671)

وبالصانع الحكيم الذي تدل عليه هذه الانظمةُ البديعة والحِكَم الرفيعة التي لاحدَّ لها وهي مبثوثة في موجودات الكون قاطبة.
نعم! ان كان هناك شئٌ يُستَغرب منه ويُثير عند الانسان العَجب في هذه الدنيا انما هو: انكار وجوده سبحانه؛ لأن الانتظام بأنواعه البديعة التي لا تعد والحِكَم بأشكالها السامية التي لا تحصى والمندرجة في كل موجود في الكون شواهد صادقة على وجوب وجوده سبحانه وعلى وحدانيته.. فبعداً لعمىً ما بعده عمى! وسحقاً لجهلٍ ما بعده جهل لمن لايرى هذا (الرب الحكيم) سبحانه! حتى يمكنني القول: أن السوفسطائيين الذين يُعَدّون حمقى لأنكارهم وجود الكون، هم أعقلُ أهل الكفر؛ لأن الاعتقاد بوجود الكون ومن بعده انكار خالقه - وهو الله سبحانه - غير ممكن قطعاً، ولا يُقبل اصلاً، لذا بدأوا بانكار الكون وأنكروا وجودهم أيضاً، وقالوا لاشئ موجود على الاطلاق. فأبطلوا عقولهم، وانقذوا أنفسهم بأقترابهم شيئاً الى العقل من متاهة الحماقة المتناهية للمنكرين الجاحدين الحمقى المتسترين تحت ستار العقل!
النقطة الرابعة:
مثلما أشير في (الكلمة العاشرة) الى أنه: اذا ما شيَّد معماري بارع حكيم قصراً منيفاً، وأودع في كل حجر من احجاره مئات الحِكَم والمصالح والفوائد، فلا يتصور مَن له شعور ان لايبني له سقفاً يحفظه من البلى والفساد؛ لان هذا يعني تعريض البناء الى العدم والتلف وضياع تلك الفوائد والحكم التي كان يرعاها ويتولاها، وهذا ما لايرضى به ذو شعور. أو أن حكيماً مطلقاً يُنشئ من درهم من البذور مئات الاطنان من الفوائد والحكم والغايات، ويتعقبها ويديرها، لا يمكن ان يَتَصور مَن له عقل صدور العبث والاسراف المنافيين كلياً للحكمة المطلقة من ذلك (الحكيم المطلق) فيقلّد الشجرة الضخمة فائدة جزئية، وغاية تافهة وثمرة قليلة، علماً أنه ينفق لإنشائها واثمارها الكثير!..

لايوجد صوت