اللمعات | اللمعة الثلاثون | 594
(574-671)

تأمل في هذا وسبّح باسم ربك العظيم وقل: ما شاء الله، تبارك الله، لا اله الا الله.. قلها بعدد الثواني التي مرت على عمر الشمس.. فلاشك ان نظاماً بديعاً صارماً هو الذي يهيمن على هذه المصابيح السماوية المتلألئة ولابد أن رعايتها، ومراقبتها دقيقة، حتى كأن مصدر الحرارة - والمرجل البخاري - لتلك الكتل النارية التي هي في منتهى الضخامة وفي غاية الكثرة، انما هي جهنم لا تنفد حرارتُها وترسلها الى الكل مظلمة قاتمة بلا نور. وكأن ماكنة تلك المصابيح المنورة والقناديل المضيئة التي لاتعد ولا تحصى هي جنة دائمة ترسل اليها النور والضياء فيستمر اشتعالها المنتظم بالتجلي الاعظم لاسم (الحكم والحكيم).
وهكذا قياساً على هذه الامثلة، فان كل علمٍ من مئات العلوم يشهد قطعاً: ان هذا الكون قد زُيِّن بحِكَمٍ ومصالح شتى ضمن انتظام كامل لا نقص فيه، وان تلك الانظمة البديعة والحِكَم السامية النابعة من تلك الحكمة المعجزة المحيطة بالكون قد أدرجت بمقياس اصغر، حتى في اصغر كائن حي وفي أصغر بذرة..
ومن المعلوم بداهة ان تتبع الغايات وارداف الحِكَم والفوائد بانتظام لايحصل الا بالارادة والاختيار والقصد والمشيئة، والاّ فلا. فكما ان هذا العمل البديع ليس هو من شأن الاسباب والطبيعة - اللتين لا تملكان ارادةً ولا اختياراً ولا قصداً ولا شعوراً - فلن يكون لهما تدخلٌ فيه كذلك؛ لذا فما أجهل مَن لايعرف أولا يؤمن بالفاعل المختار

لايوجد صوت