اللمعات | اللمعة الثلاثون | 597
(574-671)

فيا ايها المسرف المبذر! اعلم مدى مجانبتك الحقيقة بقعودك عن تطبيق أعظم دستور للكون المبني على الاقتصاد. وتدبّر الآية الكريمة ﴿وكُلوا واشربوا ولاتُسرفوا﴾(الاعراف: 31) لتعلم مدى رسوخ الدستور الواسع الشامل الذي ترشد اليه.
 المسألة الثانية: يصح ان يقال: ان اسم الله (الحكم) و(الحكيم) يقتضيان بداهة نبوة محمد y ورسالته، ويدلان عليها ويستلزمانها.
نعم! مادام الكتاب البليغ بمعانيه ومراميه، يقتضي بالضرورة معلماً بارعاً لتدريسه.. والجمال الفائق يقتضي مراةً يتراءى فيها، ويُري بها جمالَه وحُسنه.. والصنعةُ البديعة تستدعي منادياً داعياً اليها..
فلابد ان يوجد بين بني البشر الذي هو موضع خطاب كتاب الكون الكبير المتضمن مئات المعاني البليغة والحِكَم الدقيقة في كل حرف من حروفه، اقول:
لابد ان يوجد رائدٌ اكمل، ومعلمٌ اكبر، ليرشد الناس الى ما في ذلك الكتاب الكبير من حِكم مقدسة حقيقية.. وليعلّم وجود الحِكَم المبثوثة في ارجائه ويدل علىها.. وليكون مبعث ظهور المقاصد الربانية في خلق الكون، بل السبب في حصولها.. وليرشد الى مايريد الخالق اظهارَه من كمال صنعته البديعة، وجمال اسمائه الحسنى، فيكون كالمرآة الصافية لذلك الكمال البديع والجمال الفائق.. ولينهض بعبودية واسعة - باسم المخلوقات قاطبة - تجاه مظاهر الربوبية الواسعة، مثيراً الشوقَ وناثراً الوجدَ في الآفاق براً وبحراً ملفتاً انظار الجميع الى الصانع الجليل بدعوةٍ ودعاء، وتهليل وتسبيح وتقديس، ترنّ به ارجاء السماوات والارض.. وليقرع اسماع جميع ارباب العقول بما يلقّنه من دروس مقدسة سامية وارشادات حكيمة من القرآن الحكيم.. وليبين بأجمل صورة واجلاها بالقرآن العظيم المقاصد الإلهية لذلك الصانع (الحكم الحكيم).. وليستقبل بأكمل مقابلة وأتمها

لايوجد صوت