اللمعات | اللمعة الثلاثون | 602
(574-671)

لا يمكن أن يكون له تدخل في أي شئ من حيث الايجاد.
فلنوضح هذا الختم:
تأمل في هذه البُسُط المفروشة على الارض التي لحمتُها وسُداها مئتا ألف طائفة ونوع من أنواع الحيوانات وطوائف النباتات بأفرادها المتنوعة التي لا تعد ولا تحصى والتي تضفي الزينة وتنثر البهجة على نسيج الحياة على سطح الارض - وبخاصة في الربيع - تأمّلها جيداً وأدِم النظر فيها، فانها مع اختلاف اشكالها، وتباين وظائفها، واختلاف ارزاقها وتنوع اجهزتها، وامتزاجها بعضها مع البعض الآخر تشاهد: ان رزق كل ذي حياة يأتيه رغداً من كل مكان ومن حيث لا يحتسب، بلاسهو ولا نسيان، بلا انشغال ولا ارتباك، بلا خطأ ولا التباس.. فيعُطى بميزان دقيق حساس كل ما يحتاجه الفرد، في وقته المناسب، من دون تكلف ولا تكليف، مع تمييز لكلٍ منها، وهو يموج في هذا الامتزاج الهائل وفي هذا الخضم من الموجودات المتداخلة، فضلاً عما يُخْبئ باطنُ الارض من آيات التوحيد الرائعة المتلمعة من انتظام المعادن والعناصر الجامدة.
لذا فان هذا (التدبير والادارة) المشاهد في هذا الأمر الدائب على وجه الارض وباطنها انما هو آيةٌ ساطعة للأحدية، وختمٌ واضح للوحدانية، بحيث:
ان مَن لم يكن خالقاً لجميع تلك الموجودات من العدم، ومدبّراً لجميع شؤونها في آن واحد، لا يقدر على التدخل - من حيث الربوبية والايجاد - في شئ منها، لأنه لو تدخل لأفسد تلك الادارة المتوازنة الواسعة. الاّ ما يؤديه الانسان من وظيفة ظاهرية - بإذن إلهي ايضاً - لكشف تلك القوانين الربانية وحُسن سيرها.
 الختم الثالث: في وجه الانسان
ان شعار التوحيد وختمه واضح وضوحاً بيناً لكل مَن يتأمل وجه أي أنسان كان، وذلك:

لايوجد صوت