ان التجلي الاعظم للفردية قد طبع على وجه (الكون) كله طابعاً مميزاً للتوحيد، وختماً واضحاً للوحدانية وضوحاً حوّل الكون كلَّه بحكم (الكل) الذي لايقبل التجزئة مطلقاً بحيث:
ان مَن لايقْدِر على أن يتصرف في الكون كله لا يمكن أن يكون مالكاً مُلكاً حقيقياً لأي جزء منه.
ولنوضح هذا الختم المميز:
ان موجودات الكون، بانواعها المختلفة، تتعاون فيما بينها تعاوناً وثيقاً، ويسعى كلٌّ جزء منها لتكملة مهمة الآخر وكأنها تمثل بمجموعها واجزائها تروس معمل بديع ودواليبه - الذي يشاهد فيه هذا التعاون بوضوح - فهذا التساند، وهذا التعاون بين الأجزاء، وهذه الاستجابة في اسعاف كلٍ منها لطلب الآخر، وامداد كلِ جزء للجزء الآخر، بل هذا التعانق والاندماج بين الأجزاء، يجعل من اجزاء الكون كله وحدةً متحدة تتعصَّى على الانقسام والانفكاك. يشبه في هذا وحدةَ أجزاء جسم الانسان الذي لا يمكن فكّ بعضها عن البعض الآخر.
نفهم من هذا ان الذي يمسك زمام عنصر واحد في الوجود، ان لم يكن زمام جميع العناصر بيده لا يستطيع أن يسيطر على ذلك العنصر الواحد أيضاً.
اذاً فـ(التعاون) و(التساند) و(التجاوب) و(التعانق) الواضحة على وجه الكون، انما هي أختام كبرى وبصمات ساطعة للتوحيد.
الختم الثاني:
ان التجلي الباهر لاسم الله (الفرد) يجعلنا نُشاهد - على وجه الارض ولا سيما في الربيع - ختماً لامعاً للأحدية، وآية جلية للوحدانية بحيث:
ان من لايدير جميع الأحياء على وجه الارض كلها بافرادها واحوالها وشؤونها كافة، والذي لايرى ولايخلق ولايعلم جميعها معاً،