اللمعات | اللمعة الثلاثون | 634
(574-671)

ان يكون الماضي والمستقبل - اللذان هما نوع من عالم الغيب وقسم ثان منه - متجلية فيهما الحياة. وكذا فان الانتظام التام والتناسق الكامل في الوجود العلمي الإلهي لأوضاع ذات معانٍ لطيفة لشئ ما ونتائجَه واطوارَه الحيوية ليبين ان له اهلية لنوع من الحياة المعنوية.
نعم، ان مثل هذا التجلي - تجلي الحياة - الذي هو ضياء شمس الحياة الازلية لن ينحصر في عالم الشهادة هذا فقط، ولا في هذا الزمان الحاضر، وفي هذا الوجود الخارجي، بل لابد أن لكل عالمٍ من العوالم مظهراً من مظاهر تجلّي ذلك الضياء حسب قابليته.
فالكونُ اذن - بجميع عوالمه - حيٌ ومشعٌ مضئ بذلك التجلي والا لأصبح كلٌّ من العوالم - كما تراه عين الضلالة - جنازة هائلة مخيفة تحت هذه الحياة الموقتة الظاهرة، وعالماً خرباً مظلماً.
وهكذا يُفهم وجهٌ واسع من أوجه الايمان بالقضاء والقدر من سر الحياة ويثبت به ويتضح. أي كما تَظهر حيويةُ عالمٍ الشهادة والموجودات الحاضرة بانتظامها وبنتائجها، كذلك المخلوقات الماضية والآتية التي تعدّ من عالم الغيب لها وجودٌ معنوي، ذو حياة معنىً، ولها ثبوتٌ علمي ذو روح، بحيث يظهر - باسم المقدرات - اثر تلك الحياة المعنوية بوساطة لوح القضاء والقدر.
الرمز الخامس:
لقد ذكر في الخاصية السادسة عشرة من خصائص الحياة أنه:
ما ان تنفذ الحياةُ في شئ تصيّره عالَماً بحدّ ذاته؛ اذ تمنحه من الجامعية مايجعله كلاً ان كان جزءاً، وما يجعله كلياً إن كان جزئياً؛ فالحياة لها من الجامعية بحيث تعرض في نفسها أغلب الاسماء الحسنى المتجلية على الكائنات كلها، وكأنها مرآة جامعة تعكس تجليات الاحدية. فحالما تدخل الحياة في جسم تعمل على تحويله الى عالم مصغّر، لكأنها تحيله بمثابة بذرة حاملة لفهرس شجرة الكائنات، وكما لايمكن ان تكون البذرة الاّ اثر قدرة خالق شجرتها كذلك الذي

لايوجد صوت