ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | قطرة | 125
(80-146)

عَدَمِ التَّناهِي بِقُوَّةٍ مُتَنَاهِيَةٍ، بِلا ضَرَورَةٍ، مَعَ الضَّرُورَةِ في عَكْسِهِ. وَهُوَ مُحَالٌ في خَمْسَةِ أوْجُهٍ: فَامْتَنَعَتِ الشُّرَكَاءُ، مَعَ أنَّ الشُّرَكَاءَ المُمتَنِعَةَ بِتِلكَ الوُجوُهِ لا إشَارَةَ إلى وُجودِها، وَلاأمارَةَ عَلى تَحققهَا في شىءٍ مِنَ المَوجُودَاتِ.
فَقَدِ استَفسَرنا هذِهِ المَسْألَةَ في المَوقِفِ الاَوَّلِ مِنَ الرِّسالَةِ الثَّانِيَةِ وَالثَّلاثِينَ: مِنَ الذَّرَّاتِ إلى السَّيَّارَاتِ، وَفِي المَوْقِفِ الثَّاني: مِنَ السَّمَواتِ إلى التَّشَخُّصَاتِ الوَجْهِيَّةِ، فَاعْطَتْ جَمِيعُها جَوَابَ رَدِّ الشِّرْكِ بِإراءة سِكَّةِ التَّوْحِيدِ.
فَكَمَا لا شُرَكَاءَ لَهُ. كَذَلِكَ لامُعِينَ وَلا وُزَراءَ لَهُ. وَمَا الاسْبَابُ إلاّ حِجَابٌ رَقِيقٌ عَلى تَصَرُّفِ القُدْرَةِ الاَزَلِيَّةِ لَيْسَ لَهَا تَأثِيرٌ إيجادِيٌ في نَفسِ الأمرِ؛ إذْ أشْرَفُ الاسْبَابِ وَاوْسَعُها اِختِيَاراً هُوَ الانسَانُ، مَعَ أنَّهُ لَيسَ في يَدِهِ مِنْ أظْهَرِ أفْعَالهِ الاختِيَاريَةِ - كَالاَكْلِ وَالكَلامِ وَالفِكْرِ - مِنْ مِئَاتِ أجْزاءٍ إلاّ جُزْءٌ وَاحِدٌ مَشْكُوكٌ. فَإذَا كَانَ السَّبَبُ الاَشْرَفُ وَالاَوْسَعُ اختِيَاراً مَغْلُولَ الاَيْدي عَنِ التَّصَرُّفِ الحَقيِقيِّ كَمَا تَرى، فَكَيفَ يُمْكِنُ أنَ تَكُونَ البَهِيماتُ والجَمَاداتُ شَرِيكاً في الايجَادِ وَالرُّبُوبِيَّةِ لخَالِقِ الأرضِ وَالسَّمَواتِ؟ فَكَمَا لا يُمْكِنُ أنْ يَكُونَ الظَّرْفُ الَّذي وَضَعَ السُّلطَانُ فيهِ الهَدِيَّةَ، أو المَندِيلُ الَّذي لَفَّ فيهِ العَطيَّةَ، أوِ النَّفَرُ الَّذي أرسَلَ عَلى يَدِهِ النِّعْمَةَ إليكَ؛ شُرَكَاءَ للِسُلْطَانِ في سَلْطَنَتِهِ.. كَذَلِكَ لا يُمْكِنُ أنْ تَكُونَ الاسْبَابُ المُرْسَلَةُ عَلى أيْديِهمُ النِّعَمُ إلينَا، وَالظُرُوفُ الَّتي هِيَ صَنَادِيقُ للِنِّعَمِ المُدَّخَّرَةِ لَنَا، والاسْبَابُ الَّتي التَفَّتْ عَلى عَطَايَا إلَهِيَّةٍ مُهْداةٍ إلَينَا؛ شُرَكَاءَ أعْواناً أو وَسَائِطَ مُؤَثِّرَة.

المرتبة الثانية

لايوجد صوت