وَمُشَاجَرَاتٍ، كَالاَمِيرِ مَعَ النَّفَرَاتِ وَالبَانِي مَعَ الحَجَراتِ وَالاَرضِ مَعَ السَّيَّارَاتِ والفَوَّارَةِ مَعَ القَطَرَاتِ وَنُقطَةِ المَرْكَزِ مَعَ النُّقَطِ في الدَّائِرَةِ:
بِسِرِّ: أنَّ في الوَحْدَةِ يَقُومُ الانتسَابُ مَقَامَ قُدْرَةٍ غَيْرِ مَحْدُودَةٍ. وَلا يُضْطَرُ السَّبَبُ لِحَمْلِ مَنَابعِ قُوَّتِهِ، وَيتعَاظَمُ الاَثَرُ بالنِّسْبَةِ إلى المُسْنَدِ إلَيهِ. وَفي الشِّرْكَةِ يُضْطَرُّ كُلُّ سَبَبٍ لِحَمْلِ مَنَابعِ قُوَّتِهِ، فَيَتَصاغَرُ الاَثَرُ بِنِسْبَةِ جِرْمِهِ. وَمِنْ هُنَا غَلَبَتِ النَّمْلَةُ وَالذُّبَابَةُ عَلى الجَبابِرَةِ، وَحَمَلَتِ النَّوَاةُ الصَّغِيرَةُ شَجَرَةً عَظِيمة.
وَبِسِرِّ: أنَّ في إسْنادِ كُلِّ الاشياءِ إلى الوَاحِدِ لايَكُونُ الايجَادُ مِنَ العَدَمِ المُطْلَقِ، بَلْ يَكُونُ الايجَادُ عَيْنَ نَقلِ المَوجُودِ العِلمِيِّ، إلى الوُجُودِ الخَارِجِيِّ. كَنَقْلِ الصُّورَةِ المُتَمَثِّلَةِ في المِرآةِ، إلى الصَّحيِفَةِ الفُوطُوغْرافِيَّةِ لِتَثْبِيتِ وُجُودٍ خَارِجِيٍّ لَهَا بِكَمالِ السُّهُولَةِ، أوْ إظهارِ الخَطِّ المَكتُوبِ بِمِدَادٍ لايُرى بِواسِطةِ مَادَةٍ مُظهِرَةٍ للِكِتَابَةِ المَسْتُورَةِ.. وَفي إسْنَادِ الاَشْيَاءِ إلى الاَسْبَابِ وَالكَثْرَةِ يَلْزَمُ الايجَادُ مِنَ العَدَمِ المُطْلَق؛ِ وَهُوَ إنْ لَمْ يَكُنْ مُحَالاً يَكُونُ أصْعَبَ الاشْيَاءِ! فَالسُهُولَةُ في الوَحْدَةِ واصِلَةٌ الى دَرَجَةِ الوُجوبِ، وَالصُعُوبَةُ في الكَثْرَةِ وَاصِلَةٌ الى دَرَجَةِ الامتِنَاعِ.. وَبِحِكْمَةِ أنَّ في الوَحدَةِ يُمْكِنُ الابْدَاعُ وَايجَادُ (الاَيْس مِنَ اللَّيْس) يَعْني إبْدَاعَ المَوْجُودِ مِنَ العَدَمِ الصِّرْفِ بِلا مُدَّةٍ وَلا مَادَّةٍ، وَإفراغَ الذَّرَّاتِ في القَالَبِ العِلْمِيِّ بلا كُلْفَةٍ وَلا خِلْطَةٍ.. وَفي الشِّرْكَةِ وَالكَثْرَةِ لايُمْكِنُ الإبْدَاعُ مِنَ العَدَمِ بِاتِّفَاقِ كُلِّ أهلِ العَقْلِ. فَلا بُدَّ لِوُجودِ ذي حَيَاةٍ جَمْعُ ذَرَّاتٍ مُنْتَشِرَةٍ في الارضِ وَالعَناصِرِ، وَبِعَدَمِ القَالَبِ العِلْميِّ يَلْزَمُ لِمُحَافَظَةِ الذَّرَاتِ في جِسْمِ ذي الحيَاةِ وُجُودُ عِلْمٍ كُلِّي وَإرادَةٍ مُطْلَقَةٍ في كُلِّ ذَرَّةٍ. وَمَعَ ذلِكَ إنَّ الشُّركاءَ مُسْتَغْنيةٌ عَنْهَا وَممْتَنِعَةٌ بالذَّاتِ بخَمسَة وجوهٍ متداخلة، والشُركاء المُستَغنيةُ عنها والمُمتَنِعَةُ بالذات تَحَكُّمِيَّةٌ مَحْضَةٌ، لاأمارَةَ عَلَيْها وَلاإشَارَةَ إلَيْهَا في شَيءٍ مِنَ المَوْجُودَاتِ، إذ خِلْقَةُ السَّموَاتِ وَالأرضِ تَسْتَلْزِمُ قُدْرَة ً كَامِلَةً غَيْرَ مُتَناهِيَةٍ بالضَّرُورَةِ، فَاسْتُغْني عَنِ الشُّرَكَاءِ.. وَإلاّ لَزِمَ تَحْديدُ وَانْتِهَاءُ قُدْرَةٍ كَامِلَةٍ غَيْرِ مُتَنَاهِيَةٍ في وَقْتِ