ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | قطرة | 131
(80-146)

َشْهَدُ وَتُنادي عَلى شَعْشَعَةِ سَلْطَنةِ رُبُوبِيَّتِهِ، وَتُنَادي عَلى وُسْعَةِ حُكْمِهِ وَحِكْمَتِهِ، وعَلى حِشمَةِ عَظَمَةِ قُدْرَتِهِ.
فَاسْتَمِعْ إلى آيةِ ﴿اَفَلَمْ يَنْظُرُوا إلى السَّمآءِ فَوقَهُمْ كَيْفَ بَنَينَاهَا وَزَيَّنَّاها..﴾(ق:6) الخ.. ثُمَّ انظُرْ إلى وَجْهِ السَّمآءِ: كيفَ تَرى سُكُوتاً في سُكُونَة، حَرَكَةً في حِكْمَةٍ، تَلألُؤاً في حِشمَةٍ، تَبَسُّماً في زِينَةٍ؛ مَعَ انتَظامِ الخِلقَةِ مَعَ إتِّزَانِ الصَّنْعَةِ.. تَشَعْشُعُ سِراجِها لِتَبديلِ المَوَاسِمِ، تَهَلهُلُ مِصْباحِها لِتَنويِرِ المعَالَم، تَلألُؤُ نُجُومِها لِتَزيينِ العَوَالِم.. تُعْلِنُ لاَهلِ النُهى سَلْطَنَة بلا انتِهَاءٍ لِتَدبيرِ هذَا العَالَمِ.
فَذَلِكَ الخَلاّقُ القَديرُ عَليمٌ بِكُلِّ شَيءٍ، وَمُريدٌ بِإرادَةٍ شَامِلَةٍ (ما شآءَ كانَ وَمَالَم يَشأ لَمُ يَكُنْ) . وَهُوَ قَدِيرٌ عَلى كُلِّ شَيءٍ بِقُدْرَةٍ مُطْلَقَةٍ مُحيطةٍ ذاتِيَّةٍ. وَكَما لا يُمكِنُ ولا يُتَصوَّرُ وُجُودُ هذِه الشَّمسِ في هذا اليَومِ بِلا ِضِياءٍ ولا حَرارةٍ، كذَلِكَ لايُمْكِنُ ولايُتَصوَّرُ وُجودُ إلهٍ خالِقٍ للِسَّمواتِ بِلا عِلم مُحيطٍ وبِلا قُدرَةٍ مُطلَقَةٍ.. فَهُوَ بِالضَرورَةِ عَليمٌ بِكُلِّ شَيءٍ بِعلم مُحيطٍ لازِم ذَاتيٍّ لِلذاتِ يَلزَمُ تَعَلُّقُ ذلِكَ العِلمِ بِكُلِّ الاَشيَاءِ، لايُمكِنُ أنْ يَنْفَكَّ عَنْهُ شَيءٌ؛ بِسِرِّ الحُضُورِ وَالشُّهُودِ وَالنُّفُوذِ وَالاحَاطَةِ النُّورانِيَّةِ
فَما يُشَاهَدُ في جَميعِ المَوجُودَاتِ: مِنَ الاِنْتِظامَاتِ المَوزُونَةِ، وَالاِتِّزَاناتِ المَنْظُومَةِ، وَالحِكَمِ العَامَّةِ، وَالعِنَايَاتِ التَّامَّةِ، وَالاَقْدَارِ المُنْتَظَمَةِ، وَالاَقْضِيَةِ المُثْمِرَةِ، وَالاَجالِ المُعَيَّنَةِ، وَالاَرزَاقِ المُقَنَّنَةِ، وَالاِتْقَانَاتِ المُفَنَّنَةِ، وَالاِهْتِمَامَاتِ المُزَيَّنَةِ، وَغَايَةِ كَمَالِ الاِمتِيازِ، وَالاِتِّزانِ، وَالاِنْتِظَامِ، وَالاِتْقَانِ، وَالسُّهُولَةِ المُطلَقَةِ.. شَاهِدَاتٌ عَلى إحَاطَةِ عِلمِ عَلاّمِ الْغُيُوبِ بِكُلِّ شَيءٍ، وَإنَّ آيَةَ: ﴿ألايَعلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبيرُ﴾ (الملك:14). تَدُلُّ عَلى أنَّ الوُجودَ في الشَيءِ يَسْتَلزِمُ العِلمَ بِهِ، وَنُورَ الوُجودِ في الاَشيَاءِ يَستَلزِمُ نُورَ العِلمِ فيها. فَنِسبَةُ دَلالَةِ حُسنِ صَنْعَةِ الاِنسانِ عَلى شُعُورِهِ، إلى نِسبَةِ

لايوجد صوت