ﻤﺜـﻨـوﻯ نورية | قطرة | 132
(80-146)

دَلالَةِ خِلقَةِ الانسانِ عَلى عِلمِ خالِقِهِ، كَنِسبَةِ لُمَيعَةِ نُجَيْمَةِ الذُّبَيْبَةِ في اللَّيلَةِ الدَّهمَاءِ إلى شَعشَعةِ الشَمْسِ في نِصفِ النَّهارِ عَلى وَجهِ الغَبْراءِ.
وَكَما أنَّهُ عَليمٌ بِكُلِّ شَيءٍ فهو مريد لكُلِّ شَيءٍ لايُمْكِنُ أنْ يَتَحَقَّقَ شَيءٌ بِدُونِ مَشِيئَتِهِ.
وَكمَا أنَّ القُدْرَةَ تُؤَثِّرُ وَأنَّ العِلمَ يُمَيِّزُ، كَذَلكَ أنَّ الارادةَ تُخَصِّصُ ثُمَّ يَتَحَقَّقُ وُجودُ الاَشيَاءِ، فَالشَوَاهِدُ عَلى وُجودِ إرادَتِهِ تَعالى وَاختِيَارِهِ سُبحانَهُ بِعَدَدِ كَيفِيَّاتِ الاَشيَاءِ وَاحْوالِهَا وَشُئُوناتِها.
نَعَمْ! فَتَنْظيمُ المَوجودَاتِ وَتَخْصيصُها بِصِفاتِها مِنْ بِينِ الاِمْكَانَاتِ الغَيْرِ المَحْدُودَةِ، وَمِنْ بَينِ الطُّرُقِ العَقيمَةِ، وَمِنْ بَينِ الاحتِمَالاتِ المُشَوَّشَةِ، وَتَحتَ أيدي السُّيُولِ المُتَشاكِسَةِ بِهذا النِّظَامِ الاَدَقِّ الاَرَقِّ، وَتَوْزِينُهَا بِهذا المِيزانِ الحَسَّاسِ الجَسَّاسِ المَشْهُودَينِ.. وَاَنَّ خَلقَ المَوجُوداتِ المُختَلِفَاتِ المُنتَظَماتِ الحَيَويَّةِ مِنَ البَسائِطِ الجَامِدَةِ - كَالانسانِ بِجِهَازاتِهِ مِنَ النُّطفَةِ، وَالطَّيْرِ بِجوارِحِهِ مِنَ البَيضَةِ، وَالشَّجَرِ باعْضَائِهِ المُتَنَوعَةِ مِنَ النَّوَاةِ - تَدُلُّ عَلى أنَّ تَخَصُّصَ كُلِّ شَيءٍ وَتَعَيُّنَهُ بارادَتِهِ واختِيَارِهِ وَمَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ.
فَكَما أنَّ تَوافُقَ الاشيَاءِ مِنْ جِنْسِ وَالافرَادِ مِنْ نَوع، في اسَاساتِ الاَعْضاءِ، يَدُلُّ بالضَّرُورَةِ عَلى أنَّ صانِعَها واحِدٌ أحدٌ.. كَذلكَ أنَّ تَمايُزَها في التَّشَخُّصاتِ الحَكيمَةِ المُشتَمِلَةِ عَلى عَلاماتِ فارِقَةٍ مُنْتَظَمَةٍ، تدُلُّ عَلى أنَّ ذلكَ الصَّانعَ الواحِدَ الاَحدَ هُوَ فاعِلٌ مُختَارٌ مُرِيدٌ.. يَفعَلُ ما يَشآءُ وَيَحكُمُ ما يُريدُ. جَلَّ جَلالُهُ.
وَكَما أنَّ ذلِكَ الخَلاّقَ العَليمَ المُريدَ؛ عَليمٌ بِكُلِّ شَيءٍ وَمُرِيدٌ لِكُلِّ شَيءٍ، لَهُ عِلمٌ مُحيطٌ وَارادةٌ شَامِلَةٌ وَاختيَارٌ تَامٌّ، كَذلكَ لَهُ قُدرَةٌ كاملَةٌ ضَرُوريَّةٌ ذَاتِيَّةٌ ناشِئَةٌ مِنَ الذَّاتِ وَلازِمَةٌ للِذَّاتِ. فَمُحَالٌ تَداخُلُ ضِدِّها، وَإلاَّ لَزِمَ جَمْعُ الضِّدَّيْنِ المُحالُ

لايوجد صوت