وعندما كنت اصحح ما استنسخه الصبيان والشيوخ وانا اعاني من ضيق الوقت ورد على خاطري أنه لا داعي للضجر والضيق. فان قراءة ما استنسخه هؤلاء ترغم المسرعين في القراءة الى التأني والتروي حتى يتمكن كل من العقل والقلب والروح والنفس والشعور من تناول حقائق رسائل النور التي هي في حكم الغذاء والطعام. وبخلافه فان القراءة السريعة تجعل العقل وحده آخذاً حظه، بينما تظل الاخريات دون غذاء.
لذا ما ينبغي قراءة رسائل النور كسائر العلوم والكتب، لان مافيها من علوم الايمان التحقيقي لا يشبه العلوم والمعارف الاخرى، فهي نور وقوة ممدّة لكثير من اللطائف الانسانية فضلاً عن العقل.
حاصل الكلام: هناك فائدتان في الكتابة الناقصة لاولئك الابرياء والشيوخ الاميين:
اولاها: تلجئ القارئ الى التأني والملاحظة الدقيقة.
ثانيتها: تدفع الى تلقّي الدروس باعجاب بمسائل رسائل النور الدقيقة اللطيفة اللذيذة والاستماع اليها من تلك الالسنة الطيبة الخالصة البريئة.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
[ممن تلقيتُ درس الحقيقة؟]
ان حسن ظنكم المفرط نحوي هو فوق حدى بكثير فلا استطيع قبوله الاّ ان يكون باسم شخص رسائل النور المعنوي، والاّ فليس من حدّي وطوقي ان اظهر مزايا تلك المقامات الرفيعة.
ثم ان مسلك رسائل النور ليس مسلك الطريقة الصوفية بل هو مسلك الحقيقة، فهو مسلك مقتبس من نور مسلك الصحابة الكرام رضوان الله تعالى عليهم اجمعين.