ملحق أميرداغ -1 | المكتوب السابع والعشرون | 40
(1-85)

اولاها: جواب عن سؤال يرد بلسان الحال والمقال ومن حالات مختلفة ومظاهر متباينة. فيقال: مادامت رسائل النور ذات كرامة، وتورث قارئيها رقياً في انكشاف حقائق الايمان اكثر مما تورثه الطرق الصوفية، بل ان قسما من طلابها الصادقين هم اولياء صالحون من جهة، فلماذا لا تشاهد فيهم مظاهر واذواق روحية وكشفيات معنوية وكرامات مادية ملموسة كالاولياء، فضلا عن انهم لا يهتمون بمثل هذه الامور ولا يتعقبونها. فما الحكمة في هذا؟
الجواب:
اولا: سببه سر الاخلاص إذ ان الاذواق والكرامات المؤقتة في الدنيا تصبح مقصودة بالذات لدى اولئك الذين لم يتمكنوا من قهر نفوسهم الامارة بالسوء وتغدو لديهم هذه الاذواق داعيةً للقيام باعمالهم الاخروية. وهذا مما يفسد الاخلاص، لأن الاعمال الاخروية لا يُِتحرى فيها مقاصد دنيوية ولا يُسأل فيها عن اذواق. بل لو طُلبتْ فيها تلك الاذواق لفسد الاخلاص.
ثانياً: ان الكرامات والكشفيات انما هي لبث الثقة في نفوس السالكين في الطريقة من الناس العوام الذين يملكون ايماناً تقليديا ولم يبلغوا مرتبة الايمان التحقيقي، وهي احيانا لتقوية الضعفاء ممن تساورهم الشكوك والشبهات. بينما الحجج التي تسوقها رسائل النور فيما يخص حقائق الايمان لا تدع مجالا في اية جهة كانت لدخول الشبهات والاوهام، كما لا تدع داعياً للكرامات والكشفيات لتطمين القلب والاقتناع. فالايمان التحقيقي الذي تمنحه الرسائل هو أرفع بكثير من الكرامات والكشفيات والاذواق، لذا لا يتحرى طلاب رسائل النور الحقيقيون امثال هذه الكرامات.
ثالثاً: ان اساسا من اسس رسائل النور هو: معرفة الشخص بقصوره في قرارة نفسه. والاندفاع الى خدمة الايمان بتفان ابتغاء لمرضاة الله وحده دون الالتفات الى الآخرين.
بينما الاختلاف الموجود فيما بين اهل الطريقة من اصحاب الكرامات والمتلذذين من الكشفيات ووجود شئ من الحسد والمنافسة فيما بينهم، ولاسيما في هذا العصر الذي عمت فيه الانانية والغرور -كل ذلك- ساق اهل الغفلة الى اساءة الظن باولئك الطيبين المباركين واتهامهم بأنهم أنانيون.

لايوجد صوت