الرحمن)(2). لأن المراد من الصورة، السيرة والاخلاق والصفات. حيث ان الصورة محالة بحقه تعالى.
نعم، فكما ان اصحاب الطريقة الصوفية قد سلكوا في المعرفة الالهية طريقين احدهما السير الانفسي والآخر السير الآفاقي. ووجدوا ان اقصر طريق وايسرها وامتنها واكثرها اطمئناناً هي الطريق الانفسي اي في القلب، وذلك بالذكر الخفي القلبي، كذلك اهل الحقيقة الرفيعون قد سلكوا طريقين اثنين ليس بالمعرفة والتصور بل بما هو ارقى واجدر منهما بكثير وهو في الايمان والتصديق.
الاول: النظر الى الآفاق بمطالعة كتاب الكون. كما في "الآية الكبرى" و "الحزب الاكبر النوري" و "خلاصة الخلاصة" وامثالها.
والآخر: الصعود الى مرتبة الايمان الخالية من الشكوك والريوب بمطالعة خريطة الحقيقة الانسانية وفهرس الانانية البشرية وماهيتها النفسانية، وهي اقوى مرتبة وجدانية وشعورية وشهودية - الى حد ما - فهى بدرجة حق اليقين، بحيث ان هذه المرتبة متوجهة الى سر الاقربية الالهية والوراثة النبوية.
هذا وقد وضّحت جزءاً من حقيقة التفكر الايمانى الانفسي في الكلمة الثلاثين فى بحث "أنا" وفي "نافذة الحياة" "ونافذة الانسان" في المكتوب الثالث والثلاثين وفي اجزاء اخرى من رسائل النور.
[الرسائل تؤدي المهمة]
اخواني الأوفياء الصادقين!
لا تقلقوا أبداً، فاني لا اُبين لكم حالة مرضي الشديد الذي انتابني من جراء التسميم -بتدبير مقصود- الاّ لأنال دعواتكم. فلا داعي للاضطراب والقلق، اذ لله الحمد والشكر لم يمنعني ذلك المرض من قراءة اورادي ولا واجب تصحيح الرسائل. أسأله تعالى ان يكتب لي فيه أجراً عظيماً، فانا راضٍ عن هذا المرض - من جهة - فلا تتألموا أيضاً لحالي، ولقد أوشكت مهمتي في الحياة على الانتهاء. وتستطيع كل نسخة من نسخ رسائل النور ولا سيما المجموعات منها، ان تؤدي وظيفتي بما يفوق حسن ظنكم في "سعيد" بكثير، بل تؤديها فعلاً، وكل طالب فدائي من طلاب النور الخواص يمكنه ان يقوم بوظيفة ذلك "السعيد"