ملحق أميرداغ -1 | المكتوب السابع والعشرون | 58
(1-85)

الشيطان وايحاءاته، وحب الحياة المغروز في الفطرة.. ففي خضم هذه الحالات هاجمت تلك الأحاسيس والمشاعر العمياء -وهي في حكم النفس الامارة الثانية- قلبي وروحي، موحية باحتمال وفاتي ومغادرتي الحياة الدنيا. فنشرت يأساً قاتماً وتألماً عميقاً وحرصاً شديداً على الحياة مع استمراءٍ لها وتلذذ بها.
فقالت تلك النفس الامارة الثانية مع الشيطان:
لِمَ لا تسعى لراحة حياتك؟ بل ترفضها. ولِمَ لا تتحرى عن حياة ممتعة بريئة طيبة تقضيها طوال عمرك ضمن دائرة النور؟ بل ترضى بالموت وتطلبه!
وعلى حين غرة ظهرت حقيقتان صارمتان اخرستا النفس الامارة الثانية والشيطان معاً، وهما:
الحقيقة الاولى:
ما دامت الوظيفة المقدسة الايمانية لرسائل النور ستتوضح أكثر وتنكشف باخلاص أزيد بسبب وفاتي. حيث لا تتهم من اية جهة كانت انها اداة لمكاسب الدنيا ووسيلة للانانية والعجب.. وان الوظيفة الايمانية ستدوم باخلاص أكثر وأقرب الى الكمال،اذ ليس هناك ما يثير حسد الحاسدين في حياتي الشخصية.
وعلى الرغم من ان بقائي على قيد الحياة قد يتيح نوعاً من المعاونة في سير الخدمة -خدمة الايمان والقرآن- فان شخصيتي البسيطة التي لها حسّاد ونقّاد لهم شأنهم يمكنهم ان يلصقوا تهماً على تلك الشخصية ويهاجموا - بعدم الاخلاص - رسائل النور، ويتجنبوها ويجنّبوا الآخرين عنها.
ثم ان من يقوم بشئ من الحراسة في دائرة، اذا ما اخذته الغفوة وغلب عليه النوم، فالغيورون في تلك الدائرة النورانية يهبّون حذرين، فيبرز في الميدان الوف الحراس والمرابطين بدلاً من حارس واحد بسيط.
لذا ولأجل ما سبق؛ ينبغي ان يقال للموت المقبل: أهلاً ومرحباً.
ثم يا نفسي! لِمَ تريدين أن تتخلفي عن الكثيرين من طلاب النور في البذل والعطاء،ألم يبذلوا اموالهم وراحتهم ومتع الدنيا كلها، بل حياتهم - ان استوجب الأمر - في سبيل خدمة النور؟!
اعلمي قطعاً يا نفسي! انه لشرف عظيم في منتهى اللذة والرضى، توديع حياة الشيخوخة الفانية المرهقة - ان لزم الأمر أو آن أوانه - في سبيل اكساب حياة باقية لكثير من المنكوبين وانقاذها برسائل النور لئلا تفضي الى العدم.

لايوجد صوت