ملحق أميرداغ -1 | المكتوب السابع والعشرون | 59
(1-85)

الحقيقة الثانية:
لو وضعت عشرة أرطال من الحمل على كاهل شخص ضعيف عاجز عن حمل رطل واحد. واستعان به أصدقاؤه بدل ان يعينوه في حمله - لحسبانهم انه ذو قوة وقدرة على الحمل لخفاء ضعفه عليهم - فسوف يحاول ذلك الشخص الضعيف ان يظهر نفسه لهم بمظهر القوي جداً، لئلا يسقط في نظرهم ولئلا يخيب حسن ظنهم به، مما يؤدي به الى التكلف والتصنع والظهور بما ليس فيه، وامثالها من الأمور الثقيلة المقيتة الخالية من الذوق.
فكما ان الأمر هكذا في هذا الشخص، كذلك يا نفسي الأمارة الثانية الموغلة في أعماق المشاعر العمياء، اعلمي!
ان شخصيتي الاعتيادية البسيطة هذه، واستعدادي الذي لا أهمية له، كالبذرة.. ان هذا الشخص لن يكون مصدراً ولا منبعاً ولا مداراً للحقائق التي تتضمنها رسائل النور النابعة من صيدلية القرآن الكريم المقدسة، والتي سُلّمت الى ايدينا برحمة منه تعالى وبفضله وعنايته سبحانه في هذا العصر المظلم المثقل بالامراض والاسقام.
وحيث انني فقير وضعيف عاجز، وسائل لدى باب القرآن ليس الاّ، ووسيلة لإبلاغه الى المحتاجين اليه، يبالغ طلاب النور المخلصون الخالصون الصديقون الصادقون الأصفياء الفدائيون، في حسن ظنهم بشخصيتي الضعيفة، بما يفوقني مئة درجة.
فلأجل الاّ أخيب ظنهم الحسن، ولا أمس مشاعرهم بسوء، ولا اثبط شوقهم للأنوار، ولا اظهر المستوى الواطئ لمن لقبوه بالاستاذ، ولا اضطر الى انواع التصنع المؤلم والتكلف المقيت.. أترك لقاء الناس بل أضطر الى تركه روحياً، لما أشعر من نفور قد تولد من العيش الانفرادي طوال عشرين سنة، بل اترك حتى اللقاء مع الأصدقاء الاّ ما يخص خدمة النور. فأدع التكلف، والتظاهر بما يفوق قيمتي الشخصية، واترك اظهار نفسي امام المغالين في حسن الظن، انها ذات مقام، واتخلى عن التكبر المنافي كلياً للاخلاص، واعاف التحري عن أذواق الأنانية المتسترة تحت ستار الوقار..
فيا نفسي المفتونة بتلك الأذواق، الا تزيل هذه الحالات تلك الأذواق كلها؟!

لايوجد صوت