ملحق أميرداغ -1 | المكتوب السابع والعشرون | 61
(1-85)

سعيد النورسي

[الفرق بين الايمان وعدم الانكار]
اخوتي الاعزاء الصادقين الأوفياء، والابطال الميامين لطلاب النور!
لقد اشاعوا: "ان الناس يعرفون الله، فالشخص الاعتيادي يؤمن بالله كما يؤمن به ولي من الصالحين".. لأجل التهوين -ولو يسيراً- من قيمة رسائل النور العظيمة. وذلك ببيان عدم الحاجة الى المزيد من حشد البراهين الدامغة والدلائل القيمة الضرورية التي تسوقها رسائل النور وتكثر منها. وكأن هذه الحشود من البراهين الايمانية لا ضرورة لها، ولا داعي لها.
ففي استانبول يروّج - وباسلوب رهيب جداً - قسم من المنافقين الذين تورطوا في الكفر المطلق - المشحون بالفوضوية والارهاب - كلاماً من هذا القبيل فيقولون: "لا داعي لنا لمزيد من دروس الايمان لان كل امة بل الناس جميعاً يعرفون الله". وذلك محاولة منهم لصد رسائل النور وحرمان الناس من الحقائق الايمانية التي فيها، التي يحتاجها الناس كلهم حاجتهم الى الماء والخبز.
والحال ان "معرفة الله سبحانه" والايمان بحقائق "لا إله الاّ الله"، يستلزم التصديق القلبي، والايمان المطلق الجازم بربوبيته سبحانه وتعالى، الشاملة المحيطة بكل ما في الكون، وان مقاليد الأمور - من الذرات الى المجرات - بجزئياتها وكلياتها في قبضته سبحانه، ولا تدار الاّ بقدرته، وتحت ارادته، فلا شريك له في ملكه.
أما النطق والتفوه بان "الله موجود" ثم اسناد تصريف الأمور في ملكه الى الأسباب التي لا عدّ لها والى "الطبيعة" واتخاذها شركاء لله تعالى، ومن ثم الجهل بارادته النافذة، وعلمه المطلق، ومثول كل شئ بين يديه، فضلاً عن عدم الاهتمام بأوامره ونواهيه، والجهل بصفاته الجليلة، وما أرسل من رسله.. لا شك ان هذا كله ليس من الايمان في شئ.
ولا ينطق بهذا ناطق الاّ ليسلّي به نفسه وينجيها من التعذيب الدنيوي الروحي الذي يعذّب به الكفر المطلق أصحابه في الدنيا قبل الآخرة.
نعم ان "عدم الانكار" شئ و"الإيمان" شئ آخر تماماً، اذ ما من ذي حس أو شعور يمكنه ان ينكر الخالق ذا الجلال الذي تشهد بربوبيته وعظمته وحكمته

لايوجد صوت