ثلاث منهن صغيرات وثلاث بالغات كبيرات.. ومع اني كنت اعيش معهم في بيت واحد طوال سنتين الاّ انني لم اكن اميّز بين الثلاث الكبيرات؛ اذ لم اكن اسدد النظر اليهن كي اعرفهن واميّز بينهن. حتى نزل احد العلماء يوماً ضيفاً عليّ، فعرفهن في ظرف يومين فقط وميّز بينهن، فأخذت الحيرة الذين من حولي لعدم معرفتي اياهن. وبدأوا بالاستفسار:
- لماذا لا تنظر اليهن؟
- فكنت اجيبهم:
- صون عزة العلم يمنعني من النظر!.
وفي احد المهرجانات المقامة في استانبول، قبل اربعين سنة، كان الازدحام على اشده، اصطفت الوف من نساء استانبول ومن الروم والأرمن الكاسيات العاريات على طرفي الخليج (الذي يقسم جانب استانبول الى قسمين).
ركبت مع السيد طه والسيد الياس (وهما عضوا المجلس النيابي) في قارب لينقلنا الى نهاية الخليج حيث الاحتفالات تقام هناك.
كان القارب يمر امام اولئك النساء ، ولم يكن لي علم اصلاً من ان الملاّ طه والحاج الياس قد اتفقا علىمراقبتي بالتناوب واختباري في النظر الى النساء، حتى اعترفا بذلك بعد ساعة كاملة من التجوال في القارب وبين اولئك النساء قائلين:
لقد حيّرنا أمُرك هذا، انك لم ترفع بصرك اليهن قط.
قلت:
انا لا اريد اذواقاً موقتة تافهة مشوّبة بالآثام، لأن عاقبتها آلام وحسرات.
ثم ان الذين يصادقونني يعرفون جيداً انني تحاشيت كلياً قبول الهدايا والدخول تحت منّة المتصدقين طوال حياتي كلها ، فلاجل صيانة كرامة رسائل النور والخدمة القرآنية وحفاظاً على سلامتها تركت الاهتمام بكل ما يمت بصلة الى اذواق الدنيا المادية والاجتماعية والسياسية، ولم ابال بتهديدات اهل المآرب والاغراض الشخصية بل حتى باعدامهم. وقد ظهر هذا بجلاء خلال السنوات العشرين التي قضيتها في النفي والتشريد المعذب وفي السجن الرهيب وفي المحاكم.
وفى الوقت الذي املك هذا الدستور العظيم، والذي دام طوال خمس وسبعين سنة، واذا بموظف يشغل منصباً في الحكومة يشيع فرية شنيعة لا تخطر حتى ببال الشيطان تهويناً من شأن رسائل النور الرفيعة، حيث قال: "تتردد اليه