وحقيقته، ولأن طلاب النور يرون هذه الوظيفة بتمامها في رسائل النور، تظل الوظيفتان الثانية والثالثة في المرتبة الثانية والثالثة عندهم بالنسبة لهذه الوظيفة الاولى. لذا ينظرون الى الشخص المعنوي لرسائل النور-وهم محقون- نظرة نوع من المهدي، وحيث انهم يظنون في مؤلف رسائل النور -هذا الضعيف- انه ممثل ذلك الشخص المعنوي الناشئ من ترابط طلاب النور، لذا يطلقون احياناً ذلك الاسم عليه ايضاً.
وعلى الرغم من ان هذا التباس وسهو، الاّ انهم ليسوا مسؤولين عنه، لأن الافراط في حسن الظن سارٍ منذ القدم ولا يعترض عليه. وانا كذلك انظر الى حسن الظن المفرط لاخوتى هؤلاء، كأنه دعاء منهم وامنية أن أكون كما يظنون، وأنه ترشح لكمال عقيدة طلاب النور، فلا اعترض عليهم كثيراً.
يفهم بهذه التحقيقات تأويل ما شاهده بعض الاولياء السالفين في كشفياتهم ان رسائل النور مهدي آخر الزمان. بمعنى ان هناك إلتباس في نقطتين، فيلزم التأويل:
اولاها: الوظيفتان الأخيرتان "الثانية والثالثة" رغم انهما ليستا في أهمية الوظيفة الأولى من زاوية الحقيقة، الا ان اقامة الحكم الاسلامي في الأرض بجيوش الخلافة المحمدية والوحدة الاسلامية تظهر أوسع ألف مرة من الوظيفة الأولى عند الناس، ولاسيما لدى العوام منهم ولدى أرباب السياسة وبالذات في افكار عصرنا هذا.
حتى اذا ما أطلق هذا الاسم "المهدي" على شخص ما، فان هاتين الوظيفتين هما اللتان تتبادران الى الذهن دون الاولى، مما يوحي - ذلك الاسم - الى معنى سياسي. وربما يورد الى الذهن معنى الاعجاب بالنفس، ولربما يظهر رغبات الشهرة، وذيوع الصيت، والتطلع الى المقامات الرفيعة.
وقد ادّعى قديما - والآن كذلك - كثيرٌ من السذج و المتطلعين الى المقامات العليا انهم سيكونون "المهدي"!
وعلى الرغم من ان مجددين و مرشدين يهدون الناس الى سواء السبيل قد أتوا ويأتون، فإن أحداً منهم لا يتخذ عنوان "السيد المهدي" الكبير الذي سيأتي في آخر الزمان، وذلك لانه لا يؤدي سوى وظيفة واحدة من الوظائف الثلاث في جهة ما.
ثم ان الخبراء في محكمة دنيزلى قالوا عن طلاب النور حسب اعتقاد بعضهم:
"اذا ادّعى سعيد النورسي انه المهدي فان جميع طلابه يصدّقونه برحابة صدر".