ملحق أميرداغ -2 | المكتوب السابع والعشرون | 24
(1-86)

لقد ذكر في رسائل النور:
ان من لايقدر على خلق الكون لن يقدر على خلق ذرة واحدة، وليس غير خالق الكون الذي يقدر على خلق ذرة في موضعها المناسب ويسوقها الى وظيفتها بانتظام.
نذكر حجة جزئية من الحجج الكلية لهذه الجملة:
هذا الراديو بقربي، هو محفظة لانواع الكلمات.. وما فيها من جهاز قد لا يحوي إلاّ جزءاً قليلا من الهواء. لنتأمل في هذا الهواء القليل جدا، فيوضح لنا ما يأتي:
انه حسب قائمة دار الاذاعة التي بين ايدينا، هناك ما يقرب من مئتي مركز اذاعي، هذه المراكز متفاوتة في القرب والبعد، فقد تبعد عنا ساعة او سنة.
فلولا وجود قوة لا حد لها في كل ذرة من ذرات الهواء وارادة لا حصر لها، وعلم تام محيط بلهجات المقرئين في تلك المراكز على الارض كلها، ولولا وجود بصر حاد محيط يرى اولئك جميعهم، ولولا سمع يقدر على سماع كل شئ في آن واحد، دون ان يشغله شئ عن شئ.. لما امكن وصول كلمة قرآنية - الحمد لله مثلا - الى اذاننا في الدقيقة نفسها التي تبث فيها من المركز، بحروفها الكاملة وبلهجتها ولغتها، بل بنبرات صوت المتكلم بها، دون ان يطرأ عليها تغيير. كل ذلك بوساطة تلك الذرات التي في حفنة هواء جهاز الراديو الصغير. فايصال مختلف كلمات القرآن، بمختلف الاصداء والاصوات من دون تغير ولا خلل، الى اسماعنا ، انما هو بتلك القدرة المطلقة والصفات المطلقة. ولولاها لما وجدت ولا ظهرت هذه المعجزة، معجزة القدرة.
اي ان ذرات الهواء، في هذا الجهاز الصغير، لا تنال القيام بتلك الاعمال المعجزة، ولا تُظهر معجزة القدرة، الا بقدرة من هو قدير مطلق وبارادته ومن هو عليم سميع بصير محيط بكل شئ، ومن لا يصعب عليه شئ، بل اعظم شئ كأصغره امام قدرته..
وبخلاف هذا فان اسناد هذا الامر المعجز الى المصادفة العشواء والقوة العمياء والطبيعة الصماء - التي يظن وجودها في موجات الهواء - انما هو جعل كل ذرة من ذرات الهواء، والهواء المحيط بالارض حكيما مطلقا بصيراً بكل شئ، عليما لا يخفى عليه شئ، قادراً على كل شئ!. وما هذا إلا خرافة ممجوجة ومحال بل محالات بعيدة كل البعد عن منطق العقل..
ألا فليأت اهل الضلال، وليروا: ما أبعد مذهبهم عن العقل!

لايوجد صوت