ملحق أميرداغ -2 | المكتوب السابع والعشرون | 25
(1-86)

النقطة الثالثة:
ان الهواء الضئيل جداً الموجود في جهاز الراديو الصغير، يؤدي مهمة السندانة لأزاهير الكلمات المعنوية الطيبة. فيظهر من معجزات القدرة الالهية ما يبين ان كل ذرة منه تثبت وجود الله سبحانه و تعرّفه بذاته المقدسة وصفاته الجليلة.
فلقد ساح الحكماء الفلاسفة، والعلماء الاعلام في جنبات الكون خيالا، ووضعوا ما فيه نصب نظر العقل، ليثبتوا وجوده سبحانه و وحدانيته، بايراد دلائل واسعة عظيمة، ومن بعد ذلك ينالون معرفة الله الحقة.
بينما هناك حقيقة وهي: ان الشمس حالما تشرق، تبيّنها قطعة من زجاج مثلما يبينها سطح البحر، اي كل منها يشير الى تلك الشمس. فبناء على هذه الحقيقة، فان كل ذرة من ذرات هواء هذا الراديو تبين بذاتها تجلي التوحيد، وكمال صفاته تعالى. ولقد اثبتت رسائل النور - التي هي لمعة من لمعات الاعجاز المعنوي للقرآن الكريم - هذه الحقيقة بوضوح تام.
لذا لا يجد طالب النور المدقق ضرورة الى قول: "لا موجود الا هو" ليحصل على الحضور القلبي الدائم وتذكر المعرفة الالهية دائما. كما انه لا يحتاج ايضا الى قول : "لا مشهود الا هو" كما هو الحال لدى قسم من اهل الحقيقة، لينعم بالحضور القلبي الدائم.. بل تكفيه اطلالة من نافذة الحقيقة السامية:
وفي كل شئ له آية تدل على انه واحد
وتوضيح هذه العبارة باختصار هو:
ان لكل احد من هذا العالم عالما يخصه، وكونا خاصا به، اي كأن هناك عوالم واكواناً متداخلة بعدد ذوي الشعور.. وان حياة كل احد هي عمود لدنياه الخاصة به، كما لو كان بيد كل واحد مرآة ووجهها الى قصر عظيم، فيكون كل منهم مالكا لذلك القصر في مرآته.
لذا يجد قسم من اهل الحقيقة المعرفة الالهية ويحصلون على حضور القلب الدائم بانكار دنياهم الخاصة بهم، وبترك ما سوى الله، فيقولون: "لا موجود الا هو"..
وقسم آخر من اهل الحقيقة يقولون: "لا مشهود الا هو" بلوغاً منهم الى معرفة الله والحضور القلبي الدائمي . فيزجون دنياهم في سجن النسيان ويسدلون عليها ستار الفناء. فيحصلون على حضور القلب، ويجعلون عمرهم في حكم نوع من العبادة.

لايوجد صوت