ملحق أميرداغ -2 | المكتوب السابع والعشرون | 31
(1-86)

تلك العاديات وتلك النعم الجليلة. ولا تبينها ولا تدل عليها. بينما اذا ما رأت ما هو خارج عن العادة من جزئيات خاصة، تتوجه اليه وتهتم به.
فمثلا: انها لا ترى معجزة القدرة الالهية في خلق الانسان السوي ولا تهتم به بينما تجلب الانظار بحيرة واستغراب الى الانسان ذي الرأسين او ذي ثلاثة ارجل الخارج عن القاعدة. فهي تخبى معجزات القدرة الكلية العامة تحت ستار العادة. في حين انها تجعل المواد الخارجة عن وظائفها والجزئية مدار عبرة وتأمل!.
ومثلا: انها لا ترى المعجزات في اعاشة صغار الانسان والحيوانات، بل تعدها امراً عادياً فلا تعيرلها بالا، ولكن حشرة نأت عن طائفتها وانعزلت عن امتها وظلت في قعر البحر ومدت اليها يد المعونة بورقة خضراء، واخذت تتغذى عليها، ادمعت عيون صيادي الاسماك على الحادث هذا، واعلنوا عنها ببهاء حتى ذكرتها احدى صحف امريكا في حينه.
بينما في اصغر حيوان هناك الوف الوف المعجزات امثال هذه للارزاق، اذ تتدفق الاثداء بسائل الحياة للصغار. بيد ان الفلسفة البشرية لا ترى تلك المعجزة، معجزة الرحمة والاحسان الالهي كي تشكر ربها وتؤمن بالرحمن وتقابله بالشكر.
وهكذا فالحكمة القرآنية تمزق ذلك الحجاب، حجاب العاديات المضروب على المخلوقات وترشد البشرية الى تلك المعجزات الكلية والنعم التي يسبغها الله سبحانه على الكائنات قاطبة فتعرف ربها وتسوق الجميع الى العبودية المكللة بالشكر لله تعالى. وهكذا فان اعجب خطأ واغربه مما تقترفه الفلسفة البشرية هو:
ان الانسان الذي لا تفي ارادته وجزؤه الاختياري لفعل جزئي ظاهري جدا وهو "التكلم" ولا يقدر على ايجاده، وانما يدفع الهواء الى مواضع مخارج الحروف، والله سبحانه هو الذي يخلق الكلمات بناء على هذا الكسب الجزئي، ويكتبه بالوف الوف النسخ في الهواء.
فعلى الرغم من قصر يد الانسان عن الايجاد الى هذا الحد، فان اعطاء اسم "ايجاد الانسان" على معجزة قدرة الهية كلية تعجز جميع الاسباب، اسباب الكون، دونها، خطأ جسيم وأي خطأ. يدرك ذلك كل من له ذرة من شعور.
ومثال ذلك هو:
ان رجلاً عاجزاً جعل قانوناً الهيًا - يضم مئة الف من الخوارق - وسيلة لاستفادة البشر، بكشفه الراديو، بالهام الهي، اي بنوع من استجابة دعاء

لايوجد صوت