ننتظر منكم لقاء خدماتنا.. انكم اذا جئتم لتعبروا الى سفوح الماضي، عوجوا الى قبورنا، واغرسوا بعض هدايا ذلك الربيع على قمة القلعة. (اي كما ذكر في الرجاء الثالث عشر من رسالة "الشيوخ" أنه بوفاة مدرسة خورخور التي هي تحت قلعة "وان" الصلدة والتي هي مدرسة ابتدائية لمدرسة الزهراء، وغلق المدارس الشرعية فى الاناضول كافة الدال على وفاتها. توفت جميع المدارس وكأن قلعة "وان" صارت شاهداً لقبرها العظيم. فيا ايها المقبلون بعد ثلاثمائة سنة ازرعوا على قمة هذه القلعة زهرة مدرسة نورية).
اي ابنوا جسم مدرسة الزهراء التي تعيش روحاً ضمن هيئة واسعة، ولم تبعث جسماً. علماً ان سعيداً القديم قد قضى معظم حياته في سبيل تحقيق تلك المدرسة. وقد سجل حقائق مهمة في مؤلفه ذاك سواءً في تأسيسها او في فوائدها.
وانه لفأل حسن بعد انكسار حدّة الاستبداد الرهيب الذى دام خمساً وعشرين سنة والذى انهى حياة المدارس الشرعية، قرار وزير المعارف "التربية" توفيق ايلرى على انشاء مدرسة الزهراء في "وان" باسم جامعة الشرق، واستصواب رئيس الجمهورية "جلال بايار" - من حيث لم يحتسب - قرار الوزير وجعله ضمن قائمة المسائل المهمة. وهذا ما كان يتمناه سعيد قبل اربعين سنة، وسيتحقق باذن الله.
نبين هنا ثلاث حقائق لايضاح جواب سعيد القديم الذي قاله قبل خمس واربعين سنة.
الحقيقة الاولى:
لقد شعر سعيد القديم بحس مسبق بحادثتين عجيبتين. ولكن كان يقتضي التعبير كما في الرؤى الصادقة. اذ لو نظر احدهم الى شئ ابيض من خلال ستار احمر فانه يراه احمر، فسعيد القديم كذلك نظر الى تلك الحقيقة من خلال ستار السياسة الاسلامية فأبدلت صورة الحقيقة شكلها شيئاً ما. وقد عرف ذلك الولي الصالح الحاضر في المجلس خطأ سعيد القديم فاعترض عليه من تلك الجهة.
وتلك الحقيقة قسمان:
القسم الاول: سيظهر نور ساطع عظيم فى المملكة العثمانية، حتى كان سعيد يبشر به طلابه قبل عهد الحرية ولمرات عديدة مسرّياً عنهم، وان ذلك النور سيحقق السعادة لهذا الوطن رغم التخريبات والفساد المشاهد. وهكذا اظهرت رسائل النور - بعد اربعين سنة - تلك الحقيقة حتى للعيون المطموسة.