فلو قالت جلوة الشمس التي تشاهد فى قطعة زجاج صغيرة - متكلمة باسمها- ان ضيائي يستولى على الدنيا وحرارتي تحمي كل شئ، وانا اكبر بمليون مرة من الكرة الارضية. كم يكون كلامها خلافاً للحقيقة!
فالنبي الذي في مقامه الحقيقى الرفيع كالشمس الساطعة، لا يمكن ان تتكلم جلوته باسمه، لدى تحضير الارواح او التنبوء بالمستقبل. ولو تكلمت باسم النبي لكان كلامها مخالفاً كلياً بمئات الاضعاف. فلا يمكن قياس ظهور جلوة جزئية لدى تحضير الارواح أو التنبؤ بالمستقبل اصلاً و قطعاً بالماهية السامية الرفيعة لصاحب الوحي الذى هو كالشمس المعنوية، لذا لا يمكن جلب تلك الحقيقة العظمى قطعاً، بل ان جلبها سوء ادب واهانة و عدم احترام ليس الاّ، وانما يمكن الرقي بالسير والسلوك للتقرب من ذلك المقام الرفيع فيحظى بالمحاورة والمجالسة مع تلك الشمس الحقيقية كما حدث لجلال الدين السيوطى واولياء آخرين. مع العلم ان هذا الرقي هو مجالسة و محاورة مع ولايتهy -كما اثبتته رسائل النور- ولا يكون هذا الاّ حسب قابلياتهم ووفق استعداداتهم الذاتية. ولكن حقيقة النبوة لكونها أرفع وأسمى واعلى بكثير من الولاية، فان المحاورة التي تُنال بالرقي الروحي أو بوساطة تحضير الارواح والتلقي منها، لا تبلغ حقيقة المحاورة والتلقي من النبي تلقياً حقيقياً باي جهة كانت ولا يكون محوراً للاحكام الشرعية قطعاً.
ان تحضير الارواح المتأتي من الايغال في دقائق الفلسفة، وليس من الدين، حركة تخالف الحقيقة وتنافي الادب اللائق والاحترام الواجب. لان جلب ارواح من هم في اعلى عليين وفى المقامات السامية المقدسة الى مائدة تحضير الارواح، موضع الاكاذيب واللعب واللهو، في اسفل سافلين انما هو اهانة عظيمة وعدم توقير محض وسوء ادب.
بل الحقيقة عينها والادب المحض والاحترام اللائق هو أن يحصل ما حصل للافذاذ من امثال جلال الدين السيوطي وجلال الدين الرومي والامام الرباني بالسمو الروحاني - بالسير والسلوك - الى مرتبة القربية لاولئك الاشخاص السامين والاستفاضة منهم.
ان الشيطان والارواح الخبيثة لا تتمثل في الرؤى الصادقة، بينما في تحضير الارواح يمكن ان تتكلم الارواح الخبيثة باسم نبي من الانبياء مقلدةً له خلافاً للاحكام الشرعية والسنة النبوية الشريفة.