توجد على ارض الوطن اربعة احزاب : الاول : حزب الشعب الجمهوري والآخر: الحزب الديمقراطي(1)، والآخر حزب الأمة(2)، وآخر حزب الاتحاد الاسلامي.
ان حزب الاتحاد الاسلامي يستطيع أن يأخذ بناصية الحكم متى ما كان ستون الى سبعين بالمئة منه تام التدين لئلا يحاول جعل الدين اداة للسياسة. بل ربما يُسخّر السياسة في سبيل الدين. ولكن يلزم الاّ يتولى هذا الحزب الحكم حالياً، لانه سيضطر الى استغلال الدين في إمرة السياسة لمجابهة جرائم السياسة الحالية وشرورها. حيث ان التربية الاسلامية قد أصابها الوهن والخلل منذ زمن بعيد(3).
اما حزب الشعب الجمهوري: فان جميع الجرائم التي اقترفها طوال ثمان وعشرين سنة، وجرائم غيره، علاوة على سيئات الاتحاد والترقي والماسونيين منهم، قد حُمّلت على هذا الحزب. فعلى الرغم من جميع هذه السيئات فانه في حكم الغالب على الديمقراطيين من جهة، ذلك لانه يرشي بعض الموظفين - تحت ستار القانون - رشوة عجيبة ولذيذة حقاً، لان الانانية تتقوى بنقصان العبادة، فيزداد الداعون الى فرعونية النفس. ففي مثل هذا الزمان الذي طغت فرعونية النفس، فاصبحت الوظيفة الحكومية تورث النفس روح التسلط والسيادة والفرعونية علماً انها مجرد قيام بخدمة الآخرين، وقد شعرتُ من طريقة التعامل التي يعاملونني بها، ان هذا الحزب يعطي مرتبة الحاكمية ذات المشاعر اللذيذة العجيبة الى نفوس قسم من الموظفين، رشوة لهم، فيغلب - في جهة - الديمقراطيين. على الرغم من جميع الجنايات المريعة ومن وجود نشريات الصحف التي لا تنتمي اليه. بينما الوظيفة هي خدمة الآخرين ليس الاّ، حسب الدستور الوارد في الحديث
----------------------------------------------------------------------------
(1) انفصل عن حزب الشعب الجمهوري سنة 1946، تولّى السلطة في سنة 1950 بعد احرازه الاغلبية العظمى في البرلمان 408 نائباً من بين 450 نائباً فاصبح جلال بايار رئيس الحزب رئيساً للجمهورية وعدنان مندرس رئيساً للوزراء. ومن منجزاته اعادة الاذان الشرعي وادخال دروس الدين في المدارس واذاعة برامج دينية مع اعطاء الحرية النسبية في النشر. استمر في الحكم عشر سنوات حتى ازيح عنه بانقلاب عسكري سنة 1960 وحوكم عدنان مندرس ورفقاءه بالاعدام.
(2) تأسس سنة 1948 منفصلاً عن الحزب الديمقراطي، لم يحز في الانتخابات سوى نائباً واحداً. اُغلق سنة 1954 بحجة استغلاله الدين لاغراض سياسية. ثم تأسس تحت اسماء مختلفة حتى فسخ نفسه سنة 1977.
(3) لم يتأسس هذا الحزب وانما هو الشعور العام لدى الشعب المسلم ولدى اشخاص من احزاب محافظة، بعد ان اصبح لهم شئ من الحرية في النشاط، علماً ان بعضاً من الغيارى" على الاسلام حاولوا انشاءه الاّ انهم لم يفلحوا. والنسبة المئوية تخص الذين يتولون ادارة الامور في الدولة. ولعل المقصود من تام التدين هو عدم تجزئة شمولية الاسلام، لئلا يكون اداة للسياسة. المترجم