ملحق أميرداغ -2 | المكتوب السابع والعشرون | 80
(1-86)

متى يشاء مما شاهده وسمعه وما تراءت امامه من صور ومعان وكلمات اعجب بها او تحير منها، او رغب فيها.. مع جميع الصور والاصوات طوال عمره الذي ناهز الثمانيين.. كل ذلك مجموعة في صحيفة تلك الحافظة. لذا يرى ان تلك الحافظة كأنها مكتبة ضخمة نسقت فيها المحفوظات منتظمة مرصوفة.
فهذه الحافظة التي لا تشغل حجم حبة من خردل تكتب فيها و تحفظ تلك الاحوال كلها، فلها اذن سعة كسعة البحر، ونور كلي، وضياء معنوي محيط بالشئ كضياء الشمس المحيط، وصحائف كبيرة واسعة سعة سطح الارض.. وما هذا الا محال في محال، بل محال بمئات الالوف من المحالات.
فلا بد اذن ولا شك ان هذه الحافظة الصغيرة جدا قد وضعها العليم المطلق العلم في دماغ الانسان بعلمه وحكمته وقدرته، وخلقها أنموذجا مصغرا ليشير ويشهد على اللوح المحفوظ الذي هو صحيفة قدره وقدرته.
المثال الثاني:
الجزئي والأنموذج المصغر جدا:
هو الكهرباء. فبعد أن خبر احدهم المصباح الكهربائي ودقق فيه النظر، رأى ان الذرات والمواد الموجودة في مئات المفاتيح الكهربائية واسلاكها ومراكزها، جامدة لا تملك شعورا، ولا حركة ذاتية. ومع هذا تمحي ظلمات كانت تشغل عشرات الكيلومترات، بعد اقل من تماس بسيط، ويملأ مكانها نور في اقل من نصف ثانيه! فذهاب هذه الظلمات المشاهدة فجأة ومجئ نور مشاهد بقدرها بدلا منها لاشك انه ليس خيالا، فاما ان التماس الحاصل في تلك الذرات الجامدة الفاقدة للشعور يحمل قوة لا حد لها ونورا لا منتهى له بحيث تتمكن ان تمد تلك الذرات يدها الى مئات الكيلومترات، فتزيل منها الظلام وتملأه بالنور.. وهذا محال لا يمكن ان يقنع به حتى السوفسطائي ولو حاولت معه الشياطين جميعا والملحدون والماديون قاطبة..(1) او حصل ذلك بقدرة القدير

----------------------------------------------------------------------------

(1) انه لأجل الخداع والتمويه ليس الاّ يضعون اسماً على بعض الحقائق العظيمة الجليلة، وكأن تلك الحقيقة قد عُلمت وفهمت، فيجعلونها امراً عاديا مألوفا.
فمثلا: ان قولهم : "هذا ما يسمى بقوة الكهرباء" يبدون به اظهار تلك الحقيقة العظيمة والدقيقة امراً عادياً مألوفاً، علما انه قد لا تكفي صفحات لبيان حكم تلك المعجزة البديعة للقدرة الالهية. لذا فبمجرد وضع اسم واطلاق عنوان على" تلك الحقيقة تُستر حِكَمها الكلية و تختفي ماهيتها وعظمتها، وتغدو من الامور العادية. وقد يقيمون مكان تلك الحقيقة العظيمة احد مظاهرها البسيطة، وعندها يسندون ذلك الاثر البديع الى قوة عمياء ومصادفة عشواء، وطبيعة موهومة، فيتردون في هاوية جهل اجهل من ابي جهل.
ان القوانين سنن الله الجارية في الكون والتي هي عناوين لنواميس الارادة الالهية، قد اطلق البشر على احدى تلك القوانين اسم (الكهرباء) وذلك لعجزه عن ادراك ماهيتها.

فجعل بهذا الاطلاق ما في التنوير من معجزة قدرة خارقة امرا عاديا بسيطا وكأنه شئ معلوم لدى الجميع.
وهكذا يجعلون امثال هذه المعجزات البديعة للقدرة الالهية اموراً عادية مألوفة بمجرد اطلاق اسم عليها كقوة الكهرباء.- المؤلف.

لايوجد صوت