ملحق أميرداغ -2 | المكتوب السابع والعشرون | 82
(1-86)

نعم، ان كل انسان يتألم من زوال وجوده، كما يتألم من خراب بيته، ويتألم أشد الالم بدمار بلده، بل يتجرع قلبه آلاما وغصصا بفراق أحبائه ووفاتهم، بل يتحرق وجدانه وروحه حتى كأنه في جهنم معنوية كلما تفكر بزوال دنياه الخاصة - وهي بكبر الدنيا - ودمارها نهائيا في الختام. لذا فكل انسان راشد - أي ما لم يكن فاقد القلب والروح والعقل - يدرك بلاشك ان ما أتى به الرسول الكريمy من بشرى عظيمة سارة، مما رآه رؤية عين وبصر في ليلة المعراج من سعادة أبدية، ومن تنعم أهل الايمان في جنة خالدة، ومن عدم فناء أحباء الانسان الذين يرتبط بهم بعلاقة، ومن لقائهم الحتمي بعضهم بعضا بعد زوالهم .. أقول: سيدرك هذا الانسان مدى ما تحمله تلك البشرى السارة والهدية البهيجة من فرح وانشراح، ويدرك أيضا سبب استقبال عالم الاسلام تلك الهدية الغالية بقولهم: "السلام عليك أيها النبي" كما يقوله كل موجود معنىً وبلسان هذه الحقيقة، اذ تتحول صحائف الكائنات الى كتابات صمدانية بتلك الهدية المعنوية، وتتظاهر القيمة الحقيقية للمخلوقات وكمالاتها برسالته. وما "السلام عليكم" الذي تتبادله الامة الاسلامية سنة نبوية وشعيرة للاسلام الا شعاع من تلك الحقيقة العظمى.
الباقي هو الباقي
سعيد النورسي


الى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء
رجل على شفير القبر، جاوز الثمانين وابتلي بأمراض عديدة، شيخ غريب ضعيف، يقول: اريد ان ابين لكم حقيقتين:
اولاهما: اننا نبارك تعاونكم الوثيق مع العراق والباكستان بملء ارواحنا ووجداننا. فلقد أكسبتم بهذا التعاون الفرح والانشراح لهذه الامة(1) وسيكون بإذن الله مقدمة لإقرار الأمان والسلام بين اربعمائمة مليون مسلم، ويضمن

-----------------------------------------------------------------------

(1) لاشك انه بعد انقطاع دام اكثر من ربع قرن عن البلدان العربية والاسلامية يعدّ هذا الانفتاح بشرى عظيمة للمسلمين في تركيا- المترجم.

لايوجد صوت