عندما يقال: طويل النجاد كثير الرماد. فالكلام صادق ان كان الشخص طويل القامة سخي الطبع ولو لم يكن له سيف ولا رماد.
وان شئت فأدم النظر في المثال والأمثال الافتراضية ترى: ان تلك الامثال لها بالشهرة في مداولة الافكار والعقول قيمة وقوة، حتى انها تستعد للقيام بمهمة السفارة بينها. بل ان أصدق مؤلف واعلم حكيم كصاحب المثنوي (جلال الدين الرومي)(1) وسعدي الشيرازي(2) يستخدمان ذلك المثل الافتراضي، ولم يريا مشاحة وبأساً في استعماله.
فاذا تنوّر لك هذا السر، فاقتبس منه واذهب الى زوايا القصص والحكايات، وقس فان ما يجري في الجزء قد يجري في الكل ايضاً.
تنبيه:
سترد قاعدة في "المقالة الثالثة" حول المشكلات القرآنية ومتشابهاته، ولكن لاقتضاء المقام نذكر هنا نبذة منها:
ان المقصود الاهم من الكتاب الحكيم هو ارشاد الجمهور الذين يمثلون اكثرية الناس، لأن خواص الناس يمكنهم ان يستفيدوا من مسلك العوام، بينما العوام لايستطيعون فهم ما يخاطب به الخواص حق الفهم، علماً ان معظم الجمهور هم عوام الناس والعوام لايقتدرون على مشاهدة الحقائق المحضة وادراك المجردات الصرفة متجردين عن مألوفاتهم ومتخيلاتهم. فالذي يضمن رؤيتهم ويحقق ادراكهم: إلباس المجردات واكساءها زي مألوفاتهم، تأنيساً لأذهانهم، كي يروا المجردات ويعرفوها بمشاهدتها خلف صور خيالية.
-------------------------------------------------------------
(1) جلال الدين الرومي: (604-672هـ) (1207-1273م) عالم بفقه الحنفية والخلاف وانواع العلوم، ثم متصوف (ترك الدنيا والتصنيف) صاحب (المثنوي) المشهور بالفارسية المستغني عن التعريف، وصاحب الطريقة المولوية. ولد في بلخ (بفارس) استقر في (قونية) سنة 623 هـ عرف بالبراعة في الفقه وغيره من العلوم الاسلامية، فتولى التدريس بقونية في اربع مدارس بعد وفاة ابيه سنة 628 هـ (الاعلام 7/30 كشف الظنون 1587).
(2) سعدى الشيرازى: (589هـ 691) (1189 - 1292م) من شعراء الصوفية الكبار، ومن ارقهم تعبيراً ولد في مدينة (شيراز)، قدم بغداد استكمالاً لدراساته في علوم الدين في المدرسة النظامية كان من مريدي الشيخ عبد القادر الطيلاني، قضى ثلاثين سنة من عمره في الاسفار ونظم الشعر، وكتابه طلستان مشهور.