ولما كان الامر هكذا، تلبس الحقيقة المحضة مألوفاتهم. ولكن يجب الاّ يقصر النظر في الصورة ولاينحصر فيها. وبناءً على هذا: فان ما في أساليب اللغة العربية من مراعاة الأفهام ومماشاة الاذهان، قد جرت في القرآن الحكيم المعجز البيان، والتي تعبر عنها بـ" التنـزلات الالهية الى عقول البشر". فمثلاً:
قوله تعالى ﴿ثم استوى على العرش﴾(الاعراف:7) و ﴿يد الله فوق ايديهم﴾ (الفتح:10) و﴿جاء ربك﴾(الفجر:22) وامثالها من الايات الكريمة.
وأيضاً ﴿تغرب في عين حمئة﴾(الكهف:86) و﴿والشمس تجري لمستقر لها﴾ (يس:38) ونظائرهما من الايات... كلها روافد لهذا الاسلوب.. ﴿ذلك الكتاب لا ريب فيه﴾.
خاتمة:
ان اغلاق الكلام المعقد وإشكاله ينشأ: إما من ركّة اللفظ وضعف الاسلوب، فهذا لا يدنو من القرآن المبين.. أو من دقة المعنى، وعمقه، وجودته، وعدم مألوفيته، وندرته، حتى لكأن المعنى يتدلل على الفهم ويبهم تجاهه، ليثير الشوق، طالباً للاهتمام والمكانة، فمشكلات القرآن من هذا القبيل.
تنبيه:
ان لكل آية ظهراً وبطناً، ولكل منها حد ومطّلع، ولكل منهما شجون وغصون. كما ورد حديث شريف بهذا المعنى(1) والشاهد الصادق عليه: العلوم الاسلامية.
--------------------------------------------------------
(1) انزل القرآن على سبعة احرف) رواه احمد والترمذي عن أبي رضي الله عنه واحمد عن حذيفة، وهو عند الطبراني من حديث ابن مسعود بزياة.. وفي رواية اخرى عنده: لكل حرف منها ظهر وبطن ولكل حرف حدّ ولكل حدّ مطلع.
(باختصار عن كشف الخفاء للعجلوني 1/209).