محاكمات | المقدمة الاولى | 34
(1-90)

ورد في الحديث الشريف: (بعثتُ انا والساعة كهاتين)(1). اي: لانبي بعدي الى قيام الساعة.. فالمقصود - أياً كان - من الحديث فهو حق.
فهذا الحديث الشريف يتضمن ثلاث قضايا:
اولاها: ان هذا الكلام هو كلام النبيy.. هذه القضية هي نتيجة التواتر ان كان. "اي : ان كان الحديث متواتراً".
ثانيتها: ان المعنى المراد من هذا الكلام حق وصدق.. هذه القضية هي نتيجة للبرهان المستند الى معجزاتهy "اذ لايصدر عنه غير الصدق". فينبغى الاتفاق في هاتين القضيتين، لانه من ينكر الاولى فهو كاذب مكابر. اما الذي ينكر الثانية فهو ضال قد هوى في الظلمات.
القضية الثالثة: ان المراد من هذا الكلام هو هذا "أي الذي اسوقه".. فها هو الدر الموجود في هذا الصدف. هذه القضية هي نتيجة الاجتهاد، لا التشهي؛ اذ من المعلوم ان المجتهد ليس مكلفاً بتقليد غيره من المجتهدين.
هذه القضية الثالثة هي منبع الاختلافات. واصدق شاهد على ذلك هو مانراه من الاقوال المتضاربة "في مسألة واحدة".
فالذي ينكر هذه القضية لا يكون مكابراً ولا ضالاً، ولا ينساق الى الكفر، ان كان انكاره نابعاً من الاجتهاد؛ اذ العام لا ينتفي بانتفاء الخاص، وكم من قطعي المتن ظني الدلالة.. فلا بد من الدخول الى البيوت من ابوابها، فان لكلٍ باباً، ولكل قفل مفتاحاً.
خاتمة:
هذه القضايا الثلاث تجري في الآية جريانها في الحديث الشريف حيث انها قضايا عامة. الا ان الاولى منها فيها فرق دقيق.

-------------------------------------------------------

(1) حديث صحيح اخرجه البخاري 6505 من حديث ابي هريرة رضي الله عنه. وهو حديث متواتر. انظر النظم المتناثر في الحديث المتواتر ص 143 برقم 187.

لايوجد صوت