لعمر الارض هو انقباض وجه الارض لشيبها، بل كنسبة وقت الاصفرار الى تمام النهار، حتى لو كانت القيامة بعيدة بألوف من السنين.
كذلك فان الفوضى والاضطراب الذي يولّده يأجوج وماجوج هو في حكم حمىً تصيب البشرية لهرمها.
وبعد هذا ينفتح لك باب لتأويل آخر من فاتحة "المقدمة الثانية عشرة" وهو: ان القرآن يقص القصص لأخذ العبر منها، وينتقي منها النقاط التي هي كالعقد الحياتية التي تناسب مقصداً من مقاصد القرآن ويربطها به.. فهما - أي القصة والعبرة - تتعانقان في الذهن والاسلوب وان لم تتراء ناراهما او نوراهما معاً ولم يحصلا في الخارج سوية. ولما كانت القصة للعبرة فلا يلزمك تفصيلاتها ولا عليك كيف كانت. خذ حظك منها وامض الى شأنك.. واستظهر من "المقدمة العاشرة" ترى ان المجاز يفتح باباً للمجاز فـ ﴿تغرب في عين حمئة﴾(الكهف:86) تنعي على الظاهريين وتطردهم.
واعلم! ان مفتاح حجة الله المتجلية في اساليب العرب هو؛ البلاغة التي هي أصل الاعجاز والمؤسسة على الاستعارة والمجاز، لا ما يلتقط من خرزٍ - بالحدس الكاذب - من المشهورات وتختبئ في أصداف الآيات دون رضاها. فاستنشق خاتمة "المقدمة العاشرة" فانها مسك وذقها ففيها عسل.
ويجوز ان يكون السد وهو مجهول الكيفية في موضع آخر مجهول مستور عنا كسائر علامات الساعة. ويبقى الى القيامة، مجهولاً ببعض انقلاباته، وسينهدم في القيامة.
اشارة: معلوم ان المسكن يدوم أزيد من ساكنيه، وعمر القلعة اطول من عمرالمتحصنين بها. فالسكنى والتحصن علّة وجودها لا علة بقائها ودوامها. وحتى ان كانا كذلك فلا يقتضيان استمرارها ولاعدم خلوها. فليس من ضروريات دوام الشئ دوام الغرض المترتب عليه.. فكم من بناء يبنى للسكنى او للتحصن وهو خاوٍ وخالٍ.
ومن عدم فهم هذا السر فتح الطريق للأوهام.