رابعتها: هي ان تدوير افكار العموم وارشادها بحيل الترهيب والترغيب، انما يكون تأثيرها جزئياً سطحياً موقتاً يسدّ طريق المحاكمة العقلية في زمان. أما من نفذ في اعماق القلوب بارشاده، وهيج دقائق الحسيات، وكشف اكمام الاستعدادات، وايقظ السجايا الكامنة، واظهر الخصال المستورة، وجعل جوهر انسانيتهم فوارة، وابرز قيمة ناطقيتهم، فانما هو مقتبس من شعاع الحقيقة ومن الخوارق للعادة.
نعم! ان صقل القلوب وتطهيرها من امثال القساوة المتجسمة في وأد البنات، وجعل تلك القلوب ترق وتترحم حتى على النمل الصغير، انما هوانقلاب عظيم. لاسيما لدى اولئك البدويين. بحيث ان ارباب البصائر يصدقونه حتماً، ويقولون انه خارق للعادة لا يشملها قانون طبيعي.
فان كنت ذا بصيرة تصدّق هذا بلا ريب.
والآن استمع الى هذه "النقطة":
ان تاريخ العالم يشهد ان الداهي الفريد، هو الذي اقتدر على انعاش استعداد عمومي، وايقاظ خصلة عمومية، والتسبب لانكشاف حس عمومي، اذ من لم يوقظ هكذا حساً نائماً يكن سعيه هباءً منثوراً ومؤقتاً لا يدوم.
وهكذا فان اعظم الدهاة قد وفق لايقاظ واحد او اثنين او ثلاث من هذه الحسيات العمومية: كحس الحرية، وكحس الحمية الملية، وحس المحبة. افلا يكون اذاً من الخوارق ايقاظ الوف من الحسيات العالية المستورة النائمة، وجعلها دفعةً فوارة منكشفة في قوم بدويين منتشرين في جزيرة العرب، تلك الصحراء الواسعة.
ان من لم يُدخل هذه النقطة في عقله، نتحداه بجزيرة العرب فهي ماثلة أمام عينه.. بعد ثلاثة عشر عصراً، وبعد ترقي البشر في مدارج التمدن!. فلينتخب المعاندون مئة من اكمل الفلاسفة، وليسعوا مائة سنة، فهل يفعلون جزءاً من مئة جزء مما فعله النبيy بالنسبة الى زمانه؟
اشارة: ان من اراد التوفيق يلزمه مصافاةٍ مع عادات الله، ومعارفة مع قوانين الفطرة، ومناسبة مع روابط الهيئة الاجتماعية. والاّ اجابته الفطرة بعدم الموفقية جواب اسكات! اما النواميس العامة الجارية فتقذف من يخالفها الى