محاكمات | عنصر العقيدة | 96
(91-136)

ثم ان معرفة الله نقطة استناد وحيدة للانسان، تجاه تقلبات الحياة ودوّاماتها، وتزاحم المصايب وتوالى النكبات. اذ لو لم يعتقد الانسان بالخالق الحكيم الذي امرُهُ كله حكمة ونظام، واسند الامور والحوادث الى المصادفات العمياء، وركن اليها والى ما يملكه من قوة هزيلة لا تقاوم شيئاً، فسينتابه الفزع والرعب وينهار من هول ما يحيط به من بلايا. وسيشعر بحالات أليمة تذكّر بعذاب جهنم.. وهذا ما لايتفق وكمال روح الانسان المكرم، اذ يستلزم سقوطه الى هاوية الذل والمهانة، مما ينافي روح النظام المتقن القائم في الكون كله.
وهذه هي نقطة الاستناد.. نعم! لا ملجأ الاّ بمعرفة الله!
اذن فالوجدان يطل على الحقائق بذاتها من هاتين النافذتين، فيرى هيمنة النظام على العالم كله، والخالق الكريم ينشر نور معرفته ويبثها في وجدان كل انسان من هاتين النافذتين.. فمهما اطبق العقل جفنه، ومهما اغمض عينه، فالفطرة تراه وعيون الوجدان مفتحة دائماً، والقلب نافذة مفتوحة.
تنبيه:
ان اصول العروج الى عرش الكمالات وهو معرفة الله جلّ جلاله اربعة:
اولها: منهاج علماء الصوفية، المؤسس على تزكية النفس والسلوك الاشراقي.
ثانيها: طريق علماء الكلام المبني على الحدوث والامكان.
هذان الاصلان وإن تشعبا من القرآن الكريم، الاّ ان فكر البشر قد افرغهما في صور اخرى فاصبحتا طويلة وذات مشاكل.
ثالثها: مسلك الفلاسفة.
هذه الثلاثة ليست مصونة من الشبهات والاوهام.
رابعها: المعراج القرآني الذي يعلنه ببلاغته المعجزة، فلا يوازيه طريق في الاستقامة والشمول، فهو اقصر طريق واوضحه واقربه الى الله واشمله لبنى الانسان.
ونحن قد اخترنا هذا الطريق. وهو نوعان:
الاول: دليل العناية

لايوجد صوت