مناظرات | س : ان لم يكن على الدين ضرر، فليكن مايكون ولانبالي | 25
(1-45)

خزانه البخارى بثقوب يتعطل عن الحركة.. وكما ان المسبحة اذا انقطع خيطها تتبعثر حباتها.. كذلك الأمر في الأمة -التي هي شخصية معنوية- فان الرؤساء الذين يجففون حوضَ قوتِها ويفرغون خزينة ثروتها ويقطعون حبل فكرها الملّي، يفتتّونها قطعاً وأوصالاً، ويجعلونها سائبة ذليلة دون كيان، عديم الوجود... نعم، [حقيقت كتم نمى كنم براى دل عامى جند]، فلا اجرح شعور الحقيقة لأجل فئة من العوام.
س: ان هذا المقام أجدر بالتفصيل، فلا تدعه مجملاً ومبهماً؟
ج: ان العهد السابق قد انتهز بداوتكم وجهلكم، وحاك خططاً، فاستغلها قسم من الكبراء باسلوب خبيث مستخدمين القوة والارغام، فثقبوا ذلك الكنز وذلك النبع، وأسالوا زلال الحياة في صحراء قاحلة وأرض سبخة، فما نبتَ ولا اخضرّ الاّ كسالى وانتهازيين، حتى كانوا يستغلون الضعف البشري والعواطف الحساسة لدى اولئك المساكين الذين مدّوا ايديهم الى صيد صغير، بتنفيرهم من ثروة الدنيا لترتخي اظفارهم عن الصيد... فيفلت منهم ، ليخطفوه هم بمخالبهم لأنفسهم.
نعم ان لكل امة سخاءً وكرماً وهو بذل مقدار من ثروتها لمصلحة الامة ومنفعتها، بيد أنه اُستغل سخاء الأمة فينا استغلالاً سيئاً بخلاف سخاء الأمم الأخرى الذي يتخزن في جوفها حوضاً واسعاً ليسقي بستان العلوم والمعارف، وكذا من طبيعة كل امة جسارةً، لأجل المحافظة على شرف الامة وصيانة عرضها.
وقد أساء بعض الكبراء في العهد السابق استعمال هذه الجسارة فألقوها في صحراء الاختلاف وأضاعوها وأخذ كلٌّ يضرب عنق الآخر بغمدٍ من تلك القوة وغلاف منها، حتى كسروه... وهكذا انكسرت... حتى أنهم صرفوا -فيما بينهم- تلك القوة العظيمة المركبة من خمسمائة ألف من الأبطال المستعدين للحفاظ على شرف الامة فأبادوها في أرض الأختلافات جاعلين أنفسهم مستحقين للتأديب والتأنيب. فان استفدتم من "المشروطية" و"الحرية الشرعية" وسددتم تلك الثغرات أو جعلتموها مسايل اليه كالحوض، وأعطيتم تلك القوة الرائعة بيد الدولة لصرفها في الخارج فستحصلون ثمنها رحمةً، وعدالة ومدنية.
فان شئتم نتبادل فيما بيننا اسلوب الحوار، فأنا أسألكم وأجيبوا انتم.
ج: [فاسأل ولا تجد به خبيراً].
س: هل يمكن ان تكون أمة الارمن اشجع منكم؟(1).
ج: كلا، ثم كلا، لم تكن ولن تكون.. 
-----------------------------------------------------------------
(1) ان الأتراك والأكراد لكونهم علماء عظاماً في فن الشجاعة، اصبحوا هم المجيبين وأنا السائل - المؤلف.

لايوجد صوت