بنصيحة من الشيخ أحمد واصبحوا مريدين صوفيين [وقد قطع الطريق على الشقاوة هذا الميلان].
ج: ما أرشدهم الاّ المشروطية الرشيدة والشيخ رسائل النور(1) لأنه لما ارتقت المشروطية الشرعية عرش الأفكار، هزّت الحبل المتين للملّية، فاهتز بدوره الاسلام - وهو العروة الوثقى - وعرف كل مسلم أنه ليس هملاً سائباً، بل مرتبط بالآخرين بالمنفعة المشتركة والحسّ المجرد، فالمسلمون جميعاً مرتبطون كالعشيرة الواحدة. اذ كما ان الحسنة التي تصدر من فرد من العشيرة يفتخر بها الكل، ويشتركون معه، فلا ينحصر ذلك الشرف على الفرد نفسه، بل يصبح ألوفاً -كالشمعة التي تظهر لها آلاف الصور في آلاف المرايا- فيمدّ الرابطة الحياتية لتلك العشيرة بالنور والقوة. كذلك الأمر اذا ارتكب احدهم جناية فان أفراد العشيرة كلهم يعدّون متهمين معه الى حدّ ما. فمثلاً: اذا ارتبط أفراد هذا المجلس برباط، والقى أحدهم نفسه في الطين، فاما أن يوقع اصدقاءه في الطين أو يضجرهم بكثرة الحركة، وبناء على هذا فان السيئة الواحدة تتصاعد الى الألف والحسنة المنفردة تصير ﴿كمثل حبّة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبّة﴾(البقرة:261).
فهذا السر الذي يقود الى التوبة أجهش المتيقظين فكراً أو روحاً بالبكاء، ولكن العقل الذي هو في قمة المنارة لايرى جيداً سببه الذي هو في قعر بئر الوجدان.
الحاصل: ان المسلمين تنبهوا ويتنبهون(2) وبدأوا يرون الشر شراً والخير خيراً.. فهذا هو السرّ الذي جعل عشائر هذه البوادي والوديان يتوبون الى الله توبة نصوحاً والمسلمون كلهم بدورهم يستعدّون لكسب هذا السرّ شيئاً فشيئاً.
الاّ انكم أقرب الى الملّية الاسلامية لأنكم بدو لم تفسد بعدُ فطرتكم الأصلية.
س: مع علمك بأن اكرام الضيف عادة مستحسنة عندنا، فَلِمَ لاتنزل ضيفاً على أحدنا وتحجم عنا، فعاداتنا هذه قديمة وأصيلة فلِمَ تستحف بهذه العادات وتمنع طلابك من تناول طعامنا وقبول هدايانا، مع أنه واجبٌ علينا خدمتكم والاحسان اليكم، وهو من حقكم علينا.
ج:
-----------------------------------------------------
(1) لما كان طلاب النور قد دخلوا ضمن مامه خوران، فيجب اطلاق شيخ رسائل النور -بدلاً عن الشيخ المشروطية- لانهم ستار الاحرار والحمية الاسلامية والملّية وهم لامحالة ضمن دائرة الاتحاد المحمدي- المؤلف.
(2) نعم قد استقلت بعد خمس واربعين سنة كلٌ من عشائر البلدان العربية وباكستان، فهم يصدقون سعيداً القديم في درسه هذا، وسيصدقونه في المستقبل- المؤلف.