رائد الشباب | توجيه الشباب | 12
(1-70)
ولو أصبح الإيمان حياةً للحياة لاستنارت الأزمنة الغابرة ولأزمنة المقبلة حينئذٍ بنور الإيمان، ولوجدت أسباب البقاء وأمدّتْ روح المرء وقلبه من نقطة الإيمان بالأذواق العلوية والأنوار الوجودية كالزمن الحاضر.

وفي الرجاء السابع من (رسالة الشيوخ) إيضاح واف لهذه الحقيقة. فليراجع.

وهكذا، فهذه هي ماهية الحياة. فإذا كنتم تريدون لذة الحياة ومتعتها فأحيوا حياتكم بالإيمان، وزينوها بالفرائض، وحافظوا عليها بالاجتناب عن المعاصي.

أما حقيقة الموت الذي نرى كل يوم وفي كل مكان الوفيات التي تطلعنا على مدى هولها ودهشتها، فإنني أريد أن أبينها لكم بمثال كما بينته لبعض الشبان الآخرين:

تصوروا مثلاً أمامكم ههنا أعواداً نصبت للشنق. وبجانب تلك الأعواد دائرة مستقلة توزع جوائز سخية كبرى للمحظوظين، نحن هنا عشرة أشخاص سوف ندعى إلى هناك على كل حال سواء شئنا أم أبينا. ولكن بما أن توقيت الاستدعاء سرّ لا يعلمة أحد، فنحن في كل لحظة بانتظار واحد من احتمالين: فإما أن يقال (تقدم.. استلم وثيقة إعدامك واذهب إلى المشنقة) أو يقال (تعال، خذ البطاقة الرابحة التي تحصل بموجبها على ملايين الدنانير من الذهب).

وبينا نحن هكذا في الانتظار، إذاً بشخصين مجهولين يتقدمان إلى الباب، أحدهما امرأةً جميلة فاتنة نصف عارية في يدها قطعة من الحلوى الشهية جدّاً في ظاهر الأمر، لكنها مسمومة في الحقيقة تريد مناولتها إيانا. أما الآخر فهو رجل جدّي لايخدع ولا يُخدَع، يدخل على إثر دخول تلك المرأة علينا ويقول:
لقد أتيت لكم بطلسم، بدرس، إذا قرأتموه ولم تأكلوا من تلك الحلوى فستنجون من تلك المشنقة، وبهذا الطلسم تستطيعون الحصول على بطاقة تلك الجائزة الثمينة. وها أنتم أولاء ترون بأم أعينكم أن من ينال تلك الحلوى يذهب إلى المشنقة، وقبل أن يصل إلى هناك يصاب بمغص شديد تكاد تتقطع أمعاءه من تأثير سموم تلك الحلوى. وأما الفائزون ببطاقة الجائزة، فعلى الرغم من أنهم لا يُرَون، ويبدو للناظر أنهم يصعدون إلى منصّة المشنقة في الظاهر، إلاّ أن هناك أكثر من ألف مليون شاهد يخبرون بأنهم لم يُشنقوا وإنما اتخذوا أعواد المشنقة سًلماً للاجتياز والدخول إلى غرفة الجوائز. فهيا انظروا من النوافذ، لتروا كيف أن كبار المسؤولين والمشرفين على توزيع تلك الجوائز يعلنون بأعلى أصواتهم قائلين: كما رأيتم أولئك الذاهبين إلى المشنقة رؤية عيان بأم أعينكم، فلا يشكنّ أحدكم كما لا يشكون في وجود الشمس في رابعة النهار، بأن أصحاب ذلك الطلسم قد فازوا ببطاقة الجوائز.
لايوجد صوت