رائد الشباب | توجيه الشباب | 14
(1-70)
وأسألوا أيضاً الشيوخ والمرضى الذين يشكلون غالبية أبناء النوع البشري. فما من شك في أن الأكثرية المطلقة منهم سيقولون: (وا أسفاً على ما فات! لقد ضيعنا شبابنا في الأمور التافهة، بل في الأمور الضارة، فإياكم أن تعيدوا سيرتنا أو تفعلوا مثلما فعلنا). وذلك لأن الرجل الذي يأخذ نصب عينيه سنوات عديدة من الهم والغم في الدنيا، والعذاب والضرر في البرزخ، وجهنم وسقر في الآخر لأجل خمس أو عشر سنوات من ملذات الشباب غير المشروعة، فمع أنه في أشد الأوضاع استدراراً للشفقة والرثاء، إلاّ أنه لا يستحق ذلك الرثاء والشفقة بسرّ (الراضي بالضرر لايُنظر له). وهذا، لأن مّنْ يقبل الضرر بمحض اختياره ورضاه لايستحق الرأفة والرحمة، وغير جدير بهما.

حَفِظَنا الله وإياكم من فتنة هذا الزمان، ونجانا وأياكم من شرها. آمين.

رَدّ على سؤال ورد من طلبة رسائل النور:

لقد رفعنا نحن طلبة رسائل النور إلى أستاذنا ومرشدنا السؤال التالي:

على الرغم من مرور عامين على بدء الحرب العالمية الثانية هذه والتي هي ذات صلة وثيقة بمقدرات العالم الإسلامي بصفة جدية، فلم تسألونا ولا الأخ (الأمين) –الذي يخدمكم بصفة مستمرة- عن أمرها، ولم تهتموا بها حتى في أشد فترات شدتها، ولو مرّة واحدة. فهل هناك قضية أعظم وحقيقة ألحّ من هذا الحدث العظيم حتى تسقطه من الاهتمام، أم أن هناك ضرراً من الاشتغال والاهتمام به؟ فأجاب قائلاً:

نعم! هناك حقيقة أعظم وحدث أجلّ وأشد هولاً من هذه الحرب الشاملة، حتى أن هذه الحرب تبقى ذات أهمية ضئيلة لا تذكر بالقياس إليهما. وذلك؛ لأنه بينما تتخاصم وتتنافس دولتان كبريان من أجل السيادة على الكرة الأرضية؛ وأخذ أعظم دينين سماويَين يترافعان أمام محكمة الصلح للمصالحة؛ وفي الوقت الذي تستعر فيه نيران الصراع العنيف بين الأديان السماوية والتيار الإلحادي الجارف؛ وتتقاضى النظم الاشتراكية والطبقة البورجوازية أمام محكمتهما الكبرى – نجد بروز دعوى أهمّ من جميع هذه الدعاوي وحقيقة تعلوا سائر الحقائق إلى ساحة الوجود؛ بحيث أن نصيب ما يخص الإنسان الواحد من تلك الدعوى أو الحقيقة أجلّ وأعظم من هذه الحرب الطاحنة برمتها.
لايوجد صوت