رائد الشباب | توجيه الشباب | 17
(1-70)
خاطرة ليلة القدر

نشير فيما يلي إلى حقيقة واسعة وطويلة الشرح خطرت ببالي في ليلة القدر، ملخصين إياها في نقطتين:

أولاً: إن النوع البشري في هذه الحرب العامة الثانية بما ظهر علي يديه من أشد أنواع الظلم والاستبداد؛ وبما أحدثه من التخريبات الفظيعة والتذرع بخطأ شخص واحد لضرب المئات من الأبرياء؛ وفرض البؤس والشقاء عليهم؛ وبسبب حالة اليأس الرهيبة للمغلوبين وهلع الغالبين وقلقهم حول إمكان أو عدم إمكان الحفاظ على سيادتهم؛ وشعورهم بتأنيب الضمير لعدم مقدرتهم على إصلاح وتعمير تخريباتهم؛ وبما اتضح لعامة الناس من أن الحياة الدنيا فانية ومؤقتة وأن زخارف المدنية خادعة ومخدرة؛ وبسبب الطعنات الدامية التي مُنيت بها الاستعدادات في الفطرة البشرية وماهيته الإنسانية الرفيعة بصفة رهيبة؛ وبسبب تحطم الغفلة والضلالة والطبيعة الجامدة الصماء تحت ضربات سيف القرآني الماسي، وبعد افتضاح الصورة الحقيقة للسياسة الدولية الشائهة، الغادرة التي إن هي إلاّ ستار خانق وخادع وواسع للغفلة والضلالة؛ وبما ظهرت من الأمارات في شمال العالم وغربه وفي القارة الأمريكية من أن الحياة الدنيا التي تتعشقها البشرية فانية وزائفة ومؤقتة.. لذلك كله فمما لاشك فيه أن الفظرة البشرية ستبحث عن معشوقها الحقيقي الذي هو عبارة عن الحياة الأبدية بكل قواها وستبحث البشرية كذلك عن القرآن الكريم الذي مضى على نزوله ألف وثلاثمائة وستون سنة، ويوجد له في كل عصر ثلاثمائة مليون ونصف مليون من التلاميذ؛ مصدوقاً بختم الملايين من أهل الحقيقة على جميع أحكامه ودعاويه؛ محفوظاً في كل دقيقة في قلوب ملايين الحفاظ بقدسية؛ معلماً البشرية بألسنتهم الدروس، مبشراً بالحياة الباقية والسعادة الأبدية للجنس البشري على نحو ما يوجد له نظير في أي كتاب؛ مضمداً جميع الجروح البشرية؛ ناصباً الدعوى آلاف المرات بآياته القوية المتكررة بل وادعى صريحاً وإشارة عشرات الألوف من المرات بحججه وبراهينه وأدلته القاطعة التي لاتقبل الشك والتردد على التبشير والتعليم بالحياة الباقية والسعادة الأبدية؟ فمما لاشك فيه أنه مالم تفقد البشرية صوابها تماماً ولم تقم على رأسها قيامة مادية أو معنوية، فإن قارات العالم العظمى ودولها الكبرى ستبحث عن القرآن المعجز البيان الذي قام مشاهير خطباء السويد والنرويج وفنلندا وانكلترا بالعمل على قبوله وكما تفعل الجمعيات الهامة التي تبحث عن الدين الحق في أمريكا. وبعد أن يفهم هؤلاء حقائقه سيلتفون حوله بكّل مهجهم وأرواحهم. وذلك لأنه ليس هناك مثل القرآن في معالجة هذه الحقيقة ولايمكن أن يكون إطلاقاً، كما أنه ليس هناك من شيء يستطيع أن يكون بديلاً عن هذه المعجزة الكبرى.
لايوجد صوت