رائد الشباب | توجيه الشباب | 16
(1-70)
وهكذا، وانطلاقاً من هذه الحقيقة، فإنه حتى لو تضاعف عقلي وفكري مائة درجة، وتضاعف عقول وأفكار إخواني بنفس النسبة، فإن ذلك قلما يكفي لإيفاء هذه الوظيفة القدسية العظمى حقها. أما النظر إلى المسائل الأخرى أو الاهتمام بها بالنسبة لنا يكون أمراً فضولياً ومما لا يعنينا كثيراً. بيد أن نظراً إلى أن بعض تلاميذة رسائل النور وجدوا أنفسهم أمام دعاوى أخرى وإزاء تطاول واعتداء بعض الحمقى علينا بدون داعٍ أو سبب، فقد اضظررنا أحياناً إلى الالتفات إليها(1) في حدود الضرورة.

ثم إن الالتفات إلى الدعاوى والصراعات الخارجية عن نطاق هذه الدعوى الحقيقة العظمى قلباً وفكراً أمرٌ ضارّ جدّاً. وذلك؛ لأن من يُولي اهتمامه إلى مثل هذه الدوائر السياسية الواسعة المهيجة وينشغل بها، ينسى أنه مأمور بالعمل في نطاق دائرة ضيقة وقصيرة الأمد، فيتخلف عن القيام بالخدمات الهامة ضمن تلك الدائرة الضيقة، أو يعتريه الوهن وقلة النشاط. كما أن من يتصرف اهتمامه في متابعة تلك الدوائر السياسية الواسعة الجذابة. ما ينجرف في تيارها. وهو إذ ذاك فضلاً عن بقائه عاجزاً عن القيام بواجباته، فإن لم يفقد سلامة قلبه وحسن نيته واستقامة فكره وإخلاصه في الخدمة، فإن يظلّ موضع إتهام على اي حال.. حتى أنهم لما هجموا عليّ في المحكمة بهذا الشأن، قلت لهم:

(كما أن حقيقة الإيمان والقرآن التي هي بمثابة الشمس، لايمكن أن تكون تابعة لجاذبية أضواء الأرض المؤقتة، أو أداةً لها، فإن من يعلم تلك الحقيقة حق العلم دعك عن جعلها أداة للأحداث الدنيوية المتقلبة المؤقتة، فإنه لن يجعلها أداة للكائنات بأسرها).

وهكذا ألزمتهم الصمت والسكوت.

(وههنا ينتهي جواب أستاذنا ومرشدنا. وقد صدقناه وأيدناه بكل مانملك من قوة).

(1) يشير إلى دفاعه أمام المحاكم.
لايوجد صوت