رائد الشباب | توجيه الشباب | 7
(1-70)
أما المسلم فإنه لايعرف الرسل ولا ربه ولا الكمالات البشرية إلاّ بواسطة النبي العربي محمد صلى الله عليه وسلم. فكل من ترك تربيته وخرج عن دائرة دينه فلا يمكن أن يتعرف بأي نبي أو يؤمن بالله ولا يعرف أي أسس تحفظ الكمالات في روحه. وذلك لأن من يترك الأسس التربوية والأصول الدينية التي جاء بها آخر الأنبياء وأفضلهم والذي يشمل دينه ودعوته جميع البشرية، ويفوق بدينه ومعجزاته عامة الأنبياء، وأثبت بصورة رائعة على مدى أربعة عشر قرناً أنه أستاذ ومعلم للنوع البشري بأكمله في جميع الحقائق، فأصبح ذلك كله مفخرة للبشرية. فإن من يترك تلك الأسس لايمكنه أن يحرز أي نور أو كمال بأي وجه ومحكوم عليه بالسقوط المطلق.

وهكذا، فيا أيها المبتلون بملذات حياة الدنيا؛ ويا أولئك البؤساء الذين يبذرون جهدهم لضمان مستقبلهم وحياتهم بالقلق على المستقبل! إذا كنتم تريدون لذة ومتعة وراحة وسعادة الدنيا فاكتفوا بالملذات المشروعة. فهي كافية لتلبية رغباتكم وأهوائكم.

لاشك أنكم فهمتم من الإيضاح السالف أن كل لذة خارجة عن دائرة المشروعية تتضمن ألف ألم. ولم أمكن عرض الأحداث المقبلة التي قد تقع –بعد خمسين عاماً- مثلاً الآن، كما تعرض الأحداث الماضية على الشاشة السينمائية لبكي أرباب السفه مائة ألف مرة بشجون وألم لما يضحكون له الآن.

فمن يريد السعادة والسرور الأبديين في الدنيا والآخرة يجب عليه الاقتداء بالتربية المحمدية الداخلة ضمن نطاق الإيمان.

* * *



منظر واعتبار

كنت جالساً في يوم من الأيام في نافذة سجن (أسكيشهر). وكانت في مواجهة السجن مدرسة ثانوية للبنات، فكانت فتيات المدرسة يلعبن ويرقصن في فناء المدرسة، ولما رأيتهن كذلك تحولن في نظري إلى حور جهنم في جنة تلك الدنيا. ولكن تراءى لي فجأة ما سيكون عليه حالهن بعد خمسين سنة فأخذ ضحكهن شكل بكاء مضجع؛ حيث سرح بي الخيال إلى ما بعد خمسين سنة وكأنني أنظر إليهنّ على شريط سينمائي. فوجدت خمس من تلك الفتيات البالغ عددهن ستون يتعذبن في القبر وقد أكل التراب جسدهن. أما العشر الباقيات فقد أصبحن عجائز شمطاء في السبعين من العمر؛ يبعث قبحهن المرء على التقزز والاشمئزاز. فبكيت بدوري على حالهن.
لايوجد صوت