ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 281
(270-373)

واذا الاموات قيام احياء بذلك النور - في عالم البرزخ - ينادون بلسان الحال:
(لسنا أمواتاً.. ولن نموت ابداً.. وسنلتقي عما قريب).
نعم، مثلما يبعث شفاء الطفل فرحاً وبهجة لاحد لهما بعد اليأس والقنوط، كذلك الامر هنا مما يجعلنا نتيقن أن الايمان - ببثه هذا الفرح والسرور في دنيانا هذه - يثبت ان حقيقته بذرة تحمل من الحيوية ما لو تجسمت لنبتت عليها جنة خاصة لكل مؤمن، ولأصبحت له شجرة طوبى.
هكذا قلت لذلك الشيطان الانسي العنيد، الا انه انبرى لي قائلاً:
- دعنا نحيا ولو كالحيوان، غافلين عما يدور حولنا من هذه الامور الدقيقة، ولنمض حياتنا بلذة اللهو ونشوة اللعب.
فأجبته: انك لا تقاس بالحيوان، ولن تكون مثله. اذ ليس للحيوان ما يفكّر به من ماض ومستقبل. فلا يجد الحيوان مما مضى ألماً ولا أسفاً ولا يأتيه قلق ولاخوف من المستقبل، لذا يجد لذته كاملة فيشكر خالقه الكريم بل حتى الحيوان المعد للذبح لايحس الاّ بألم السكين وهي تمر على حلقومه، وسرعان مايزول هذا الاحساس، فينجو من ذلك الألم.
فيا للرحمة الإلهية والشفقة الربانية ما اعظمها تجلياً في اخفاء الغيب وستر المصائب والبلايا.. ولاسيما في الحيوانات والبهائم.
ولكن ايها الانسان لقد خرج شئ من ماضيك ومستقبلك من الغيب بحكم ما تحمله من عقل، فانت محروم كليا مما تتنعم به الحيوانات من راحة واطمئنان بانسدال ستار الغيب امامها، فالحسرات والآهات الناشئة مما مضى، وانواع الفراق الأليم والمخاوف الناجمة من المستقبل تزيل لذتك الجزئية وتبيدها وتهوي بك في درجة أدنى بكثير من الحيوان من حيث اللذة. فما دامت الحقيقة هكذا فما عليك اذاً إلاّ ان

لايوجد صوت