ﺍﻟﺸﻌﺎﻋﺎﺕ | الشعاع الحادي عشر | 284
(270-373)

نشوبها - بل سبع سنين(1) - في الوقت الذي نرى متدينين وعلماء يَدعون الجامع والجماعة مهرعين الى استماع الراديو. فهل هناك قضية اعظم منها تشغل بالك ؟ أم أن الانشغال بها فيه خسارة وضرر ؟
فأجبتهم: ان رأس مال العمر قليل، ورحلة العمر هنا قصيرة، بينما الواجبات الضرورية والمهمات التي كُلّفنا القيام بها كثيرة، وهذه الواجبات هي كالدوائر المتداخلة المتحدة المركز حول الانسان:
فابتداء من دائرة القلب والمعدة والجسد والبيت والمحلة والمدينة والبلاد والكرة الارضية والبشرية وانتهاء الى دائرة الاحياء قاطبة والعالم اجمع كلها دوائر متداخلة بعضها في البعض الآخر، فكل انسان له نوع من الوظيفة في كل دائرة من تلك الدوائر. ولكن اعظم الواجبات واهمها، بل ادومها بالنسبة له هي في اصغر تلك الدوائر واقربها اليه، بينما اصغر الواجبات واقلها شأناً ودواماً هي في اعظم تلك الدوائر وأبعدها عنه. فقياساً على هذا: يمكن ان تتناسب الوظائف والواجبات تناسباً عكسياً مع سعة الدائرة، اي كلما صغرت الدائرة - وقربت - عَظمت الوظيفة، وكلما كبرت الدائرة - وبَعُدت - قلت اهمية الوظيفة.. ولكن لما كانت الدائرة العظمى فاتنة جذابة، فهي تشغل الانسان بامور غير ضرورية له، وتصرف فكره الى اعمال لا تعنيه بشئ، حتى تجعله يهمل واجباته الضرورية في الدائرة الصغيرة القريبة منه، فيهدر - عندئذ - راس مال عمره، ويضيّع حياته سدى، زد على ذلك قد يميل قلبه وينحاز الى احدى الجهتين المتخاصمتين لتتبعه بلهفة اخبار الحرب الطاحنة بينهما. فلا يجد في نفسه انكاراً لمظالم تلك الجهة، بل يرتاح اليها، ويكون شريكاً لها في ظلمها.
اما الجواب عن النقطة الاولى فهو:
ان امام كل انسان - ولاسيما المسلم - مسألة مهمة، وحادثة خطيرة

(1) هذه الجملة المعترضة تعود الى سنة 1946م.

لايوجد صوت